بلا شك لا بد من المطالبة بحقوق النساء وأنا مع كل من يطالب بحقوق المرأة خاصة بناتنا ذوات الاحتياج الخاص لا بد أن يتجه الكتَّاب إلى الكتابة عن هذه المواضيع الإنسانية الحساسة والتي أظن أن كل بيت ابتلي بها لكثرتها، من منطلق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، ومن مبدأ الإنسانية والوقوف مع أبناء المجتمع على اختلاف فئاتهم، وأهم حقوقهن حقهن في النكاح من أجل تكوين أسرة، حيث إن نظام الكون قائم على الزوج والزوجة.. قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (189) سورة الأعراف، ولأن كل إنسان يحلم بأن يعيش أجواء الأسرة مهما كانت حالته الصحية..
واليوم يعيش بيننا وفي أوساطنا كم لا بأس به من ذوات الاحتياج الخاص هن بناتنا وأخواتنا ممن ابتلاهن الله ببعض الإعاقة البسيطة التي قد تصرف عن الواحدة منهن حظها من زوج المستقبل، حيث إن الفتاة كالتحفة الجميلة يُخشى عليها من أي خدش، فعندما تكون الفتاة من ذوات الاحتياج الخاص فإن قطار الزواج سيتأخر عنها كثيراً وقد لا تدركه مدى الحياة، لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار) - رواه مسلم - هذا عندما تكون الفتاة معافاة في بدنها، فما بالك عندما تكون البنت معاقة في جسدها بلا شك فإن الأجر مضاعف عند الله لوليها ولمن يقوم على رعايتها.
لقد قامت بلادنا - حفظها الله - برعاية العمل الخيري وتفعيله بين طبقات مجتمعنا لتضرب أروع المثل في العمل الإنساني، ولا غرابة أن نرى كماً من اللجان التطوعية الخيرية على أرض الواقع التي تمثِّل روح الأخوة والترابط بين أفراد مجتمعنا، فقد تضافرت النصوص الشرعية على العناية بالعمل الخيري.
من هذا الباب لا بد من تفعيل دور المجتمع الإنساني في الوقوف مع تلك البنت المسكينة التي تحلم بالجو الأسري، تحلم بالولد والذرية في ظل زوج يراقب الله عز وجل فيها قال الله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} - (21) سورة الروم -.. فإذا وجدت المودة والرحمة بين الزوجين فثق أن الله سيوفقهما وسيعوِّض كلاً منهما بالأجر الجزيل.
نحن بحاجة إلى بلورة مشروع يهتم بذوات الاحتياج الخاص من النساء كعمل خيري إنساني تربوي يهدف إلى توعية مجتمعنا المسلم إلى ضرورة الوقوف عموماً بجانب المعاقين وتلمس حاجاتهم الاجتماعية والنفسية ولا سيما أن بلادنا - حفظها الله - رائدة العمل الخيري وقد حملت على عاتقها مراعاة شرائح مجتمعنا خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث قدمت لهم الكثير من التسهيلات وما زالت، ولنتذكر دائماً حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب).
لا بد من إزاحة الظلام عن شريحة من بناتنا من ذوات الاحتياج الخاص اللاتي لبسن سربالاً من الحزن والحرج بسبب صنوف الإعاقة التي خلفتها - بقضاء الله وقدره - عن مواكبة الزواج، أفليس من حقها أن تحلم بأسرة سعيدة تعيش أجواء المودة والرحمة في ظل زوج يراقب الله فيها ويحتسب ذلك كله عند الله عز وجل، وقد خصت المرأة لما تحمله بين جنباتها من حياء عذري وحساسية مفرطة وطفولة حزينة داخل بيتها، وقد ساعدت تقاليد المجتمع على زيادة المعاناة والتألم.
|