إن مطلب العقلاء من المسلمين في كل عصر على كل مصر، أن يستمروا على دينهم العظيم من غير تغيير أو تبديل حتى مفارقة هذه الحياة، لأن العبرة بالنهاية وليست بالبداية، إن الثبات هو سلوك طريق الحق وعدم الالتفات الى صوارف الهوى والشيطان، وهو حقيقة الانتصار.
الثبات فعل المسلم، والتثبيت فعل الرب {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً} (74) سورة الإسراء.
وإن للثبات أسباباً يجب معرفتها في زمن تلاطمت فيه أمواج الفتن وتكاثرت فيه البدع، وانتشرت المغريات بأشكال مختلفة.وإن منها:
1- العلم الذي هو معرفة الله ومعرفة دينه ونبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} (80) سورة القصص.
2- تدبر القرآن وقراءته في ساعات متفرقة من الليل والنهار قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} (32) سورة الفرقان.
3- الدعاء بالثبات على الاسلام قال عليه الصلاة والسلام:(اللهم إني أسألك الثبات على الأمر). وقال:(اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
4- الصلاة: قال تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } (132) سورة طه.
5- الصبر: قال تعالى:{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ} (137) سورة الأعراف، وقال تعالى:{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (250) سورة البقرة.
6- اتخاذ القدوة الصالحة: قال تعالى:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (90) سورة الأنعام.
7- الرفقة الصالحة: قال تعالى:{قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (71) سورة الأنعام.
8- الرجوع الى الأخبار الثابتة في الثابتين: قال تعالى:{وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (120) سورة هود.
9- عدم المجاهرة بالمخالفات: لقوله صلى الله عليه وسلم (كل أمتي معافى إلا المجاهرين).
10- الإعراض عن كثير من الأخبار والاشاعات:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} (55) سورة القصص. ولهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاعراض عنها كما في غزوة الأحزاب وغيرها.
وأخيراً الوقاية خير من العلاج والوقاية تكون بتحصين المرء نفسه عما تبثه بعض القنوات المرئية والمسموعة، فإن كثرة المشاهدة والسماع يؤثر على نهج المسلم ومساره.
أسأل الله أن يثبتني وإياك على دينه القويم.. آمين.
( * ) المجمعة |