منذ عشرين عاما وأنا أقصد مصر وبالتحديد (قاهرة المعز) لقضاء إجازتي السنوية في الصيف سواء كنت لوحدي أيام (العزوبية) أو كنت بمعية العائلة بعد الزواج وقدوم الأطفال.
هذه المقدمة لا تهمكم بقدر ما هي (مدخل) لما أرنو، إليه فقد كان أهم ما يؤرقني قبل حزم حقائب السفر والتوجه إلى المطار هو (الزحام) الذي سيواجهني من مطار القاهرة إلى مقر سكناي المطل على (النيل الخالد)، وللأمانة كنت أقضي بصحبة السائق المصري الشقيق ساعتين وسط الزحام حتى نصل سويا إلى مقصدي، وكنت أقول له كان الله في عونكم أيها (الأشقاء) على هذا الزحام الذي لا يطاق، فرد قائلا (تعودنا عليه)، وما كنت أدري ذات يوم أننا سنمر بالتجربة (المريرة)، ولم يكن يدور بخلدي أن (زحمة شوارعنا) ستكون أشد وأقسى يوما ما!! المهم أن المسؤولين في بلد (الملايين) مصر تنبهوا لذلك الخطر الذي أحاق بهم واستشرفوا المستقبل ونتج عن ذلك التفكير والتخطيط السليم إنجاز شبكة عالمية من الطرق في أقل من خمس سنوات تمثلت في مئات الأنفاق والجسور الخرسانية المعلقة. وبفضل ذلك تحولت مسافة (الساعتين) من المطار إلى قلب المدينة لعشر دقائق فقط لأن الحركة أصبحت انسيابية وسلسة في جميع شوارع القاهرة، وتحول الزحام الذي عرفت به مدينة القاهرة إلى حركة سلسة وانسيابية في الشوارع زاد على ذلك بالطبع شبكة (أنفاق) القطارات السريعة تحت الأرض أو ما تسمى في بريطانيا ب( under ground). والخلاصة هنا أن الأشقاء في مصر عالجوا وضعهم فيما تأزم الوضع عندنا في عاصمتنا وتفاقم وأصبحنا نعاني من الزحام ليل نهار لأنه وعلى مدى خمسة عشر عاما لم يتم إنشاء طرق أو جسور أو أنفاق جديدة وبديلة لما هو موجود الا إنشاء نفق امتداد طريق الأمير عبدالله مع الدائري الشرقي ليربط غرب العاصمة بشرقها أما غير ذلك فلا يوجد سوى إنشاء بعض الشوارع في الأحياء الجديدة والبعيدة عن المراكز التجارية والدوائر الحكومية!!
إننا نأمل من المسؤولين في وزارة الطرق وفي أمانة العاصمة أن يشمروا عن سواعدهم وأن يتلفتوا التفاتة حقيقية لما يحصل في الرياض التي تجاوز سكانها خمسة ملايين بأن ينشئوا طرقا وأنفاقا وجسورا إضافية لعلها تعالج الوضع القائم. ولا أدري كيف ستكون عليه حال العاصمة بعد ثلاث سنوات من الآن إذا لم يتدارك المسؤولون الوضع ويطبقوا التجربة المصرية في معالجة اختناقات المرور. وكل ما أقول كان الله في عوننا جميعا ونحن نعايش الزحام الذي لم يخطر على بالنا قبل خمسة عشر عاماً!!
|