Friday 29th October,200411719العددالجمعة 15 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "متابعة "

أفق الأمومة أفق الأمومة
عبدالرحمن صالح العشماوي

إلى أمّي الغالية حفظها الله وعافاها ورعاها..


تلقاكِ مني لَوْعةُ الأشواقِ
وتَوَلُّهٌ في قلبي المشتاق
يلقاكِ مني روض إحساسي الذي
ما زال روضاً باسمَ الأوراقِ
يلقاكِ نَبْضُ القلب، حبُّكِ راسخٌ
وجلالُ قَدْركِ، منه في الأعماقِ
تلقاكِ قافيتي التي في مهجتي
وَهَجٌٌ لها متميِّزُ الإحراق
أمَّاه، يا نَبْعَ الحنانِ وكنزَه
يا طَلْعةً ميمونةَ الإشراقِ
يا شمسَ أفراحٍ رضعنا نورَها
أملاً أزالَ مخاوفَ الإخفاقِ
يا نَظرةً سكبتْ على أوجاعنا
نَهْرَ الشِّفاء جرى من الأحداقِ
يا بسمةً لما تدفَّق حسنُها
هتفتْ غصونُ القلبِ بالإيراقِ
يا راحةً مسحتْ متاعبنا فما
تركتْ بنا أثراً من الإرهاق
أمَّاه، يا لُغةَ الوفاءِ بريئةً
من كل تلبيسٍ وكلِّ نفاق
ألقاكِ في أرضِ الوفاءِ وفوقنا
يمتدُّ ظلُّ رعايةِ الخلاق
ألقاكِ في بستانِ حب وارفٍ
يُسقى بنهر حنانِك الدفَّاق
عيناكِ يا أمَّاه يَنْبُوعاً رضاً
يا خيرَ يَنْبوعٍ وأكرمَ ساقي
منذ التقينا بالطفولةِ والصِّبا
غذَّيتِنا بمكارم الأخلاقِ
قرَّبْتِ منا الشمسَ، وهي قريبةٌ
من كلِّ ذي عهدٍ وذي ميثاقِ
علَّمتنا معنى اللجوء لربنا
لمَّا تفيض مدامعُ الآماقِ
هو منقذ الإنسان من كرباته
ومقدِّر الآجالِ والأرزاقِ
قدَّمْتِ مفتاحَ الدعاءِ، فلم نجد
بوَّابةً تشكو من الإغلاقِ
ما زلتُ أذكر يو كنَّا صِبْيَةً
والقريةُ الحسناءُ دارُ وِفاقِ
للناس فيها أُلْفةٌ ومودَّةٌ
بالرغم من بُؤْسٍ ومن إملاقِ
ما زلت أذكر ما يوشِّي أرضَها
من نَبْتِ عُنْصُلِها ومن طُبَّاقِ
ما زلت أذكر ماءها العذبَ الذي
لم أحظ مِثْلَ مَذاقِه بمذاقِ
كنَّا صغاراً، والحياةُ كبيرةٌ
شُدَّ العناءُ بها أشدَّ وَثاقِ
كنَّا صغاراً، حينما أَرْضعْتِنا
حبُّ الوفاءِ وبُغْضَ كلِّ شِقاقِ
كفراخ طيرٍ لازمتْ أعشاشها
والأمُّ في سعي لها وسباقِ
لله درُّكِ يا مليكةَ حُبِّنا
من همَّةٍ كبرى ومن إِشفاقِ
لله درُّكِ من شموخ كريمةِ
لم تَشْكُ هامتُها من الإِطراق
نظرتْ إلى وجه السماءِ فما رأتْ
إلا رعايةَ خالقٍ رزَّاقِ
ومشتْ على الأشواكْ لم تَحْفِلْ بها
وتثاقلتْ سمعاً عن الأَبواقِ
أنفقت يا أمَّاه عُمركِ خالصاً
وهنا تكون حقيقةُ الإنفاقِ
أمّاه، عند الله من رَحَماته
فَيْضٌ وأنهارٌ جرتْ وسواقي
تسعون جزءاً، أكْملتْها تسعةٌ
فيها مَرابعُ للفتى ومَراقي
أمَّاه، ما أغمضْتُ جَفْنَ قصيدةٍ
إلا وطَيْفُكِ من قذاها الواقي
أبصرتُ في أفقِ الأمومة غَيْمةً
ميمونة الإرعادِ والإبراقِ
من وجهكِ المحبوب نَدْفُ غمامها
وحنينها من قلبكِ الخفَّاقِ
ما كلُّ مَنْ فتحوا النوافذَ شاهدوا
ما أودع الرحمن في الآفاقِ
ما هذه الدنيا سوى أُرجوحةٍ
شدَّتْ إلى أحلامنا بِرباقِ
والناس بين مبطّئ متخاذلٍ
فيها وبين مجاوزٍ سبَّاقِ
إني أقول لكل من يَروي لنا
قصص الوفاءِ ولهفةَ العشَّاقِ
يا من يحدِّث بالوفاءِ وما روى
عنه الرُّواةُ من الحديث الباقي
قل ما تشاء عن الوفاءِ وأهلهِ
فالأمُّ رَمْزٌ للوفاءِ الباقي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved