تهافت الكثير من المساهمين في اتحاد الاتصالات، راغبين أن ينالوا الحظ والنصيب من العوائد المرجوة من مساهمتهم المالية، متوقعين أن تكون أسعار أسهمهم أغلى ثمناً فيما سيلحق من أيام. وبعد انتهاء المساهمة وُجِدَ أن أعداد المساهمين فاق المتوقع بكثير، حيث بلغت نحو ثلاثة ملايين، كما أن الأموال التي دُفعت للمساهمة في هذه الشركة الواعدة بلغت نحو 35 مليار ريال، وهذان مؤشران على الثقة الكبيرة لدى الفرد السعودي في اقتصاد بلاده، وهو مؤشر على الاستعداد النفسي للمساهمة طمعاً في نيل عوائد مجزية.. وهو مؤشر مهم على توافر سيولة نقدية لدى المجتمع السعودي، يمكن استثمارها في نواحٍ كثيرة من التنمية.
وأرى أنه من غير الملائم أن تبقى هذه الفوائض من السيولة دون استثمار، كما أرى أن من الأنسب أن توجه تلك الفوائض إلى شركات ذات مردود فعلي على الاقتصاد الوطني، ولا سيما تلك التي يمكنها المساهمة في جلب عملات صعبة من السوق العالمي في حال انخفاض أسعار البترول. وعندما ننظر بعين الفاحص إلى المجالات التي يمكن أن تساهم في ذلك الهدف نجد أن الاستثمار في التقنية يقبع على رأسها.
فهي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، كما أنها لا تحتاج إلى الكثير من المنشآت الضخمة، وفي المقابل فهي تحتاج إلى العقول.. ومن المؤمل أن تكون متوافرة في المملكة، في ظل هذا الزخم من الشباب المتخرج والمتحفز للعمل رغبة منه في توفير قوت يومه. وإذا لم يتم استثمار هذا الشباب المتخرج من الجامعات ذات الطابع التقني فما هي الفائدة إذن من تخريجهم؟!.
تمنيت -ومازلت أتمنى- أن أرى فتح أبواب المساهمة في شركات تقنية وليس شركة واحدة، وسأظل أتمنى ذلك آملاً أن أجد ذلك التمني حقيقة ظاهرة لترفد اقتصاد هذه البلاد التي حباها الله بنعمة النفط، وقبله نعمة خدمة الحرمين الشريفين.
لقد كان لتجارب ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية دلالة واضحة على ما هو ممكن من التقنية. فهل سنرى شركات سعودية سبّاقة للدخول في هذا المضمار لتحمل على عاتقها مسؤولية الولوج إلى عالم التقنية وتوفير وظائف لهذا الجمع من الشباب المقبل على العمل؟.
أتمنى ألا تكون الشركات المساهمة القادمة شركات خدمات فقط، رغم أهميتها.. فها نحن ساهمنا في شركة اتحاد الاتصالات وغداً في بنك البلاد، وبعد غدٍ في شركة عقارية، أما تلك الشركات التي سوف تجلب للاقتصاد الوطني المزيد من القوة والدخول في السوق العالمي فحتى الآن لا يبدو في الأفق أن هناك بعضاً من المستثمرين الراغبين في طَرْقِ هذا الباب الذي يحمل الكثير من المشقة لكنه أرجى وأنجح من غيره.
فدعونا ننتظر، راجين من الله التوفيق.
|