* الجزيرة - التحقيقات:
دارسو اللغة الانجليزية وطلاب المرحلة المتوسطة يعانون من ضعف تحصيلي في هذه المادة لأسباب متعددة، جعلت الطلاب وأولياء أمورهم يبحثون عن سبل مساعدة للتقوية في استيعاب هذه اللغة الجديدة عليهم، التي لا يتلقونها إلا مع بداية مرحلة المراهقة وما يصاحبها من تغيرات على الطالب.. فحول هذه الظاهرة وأسبابها ومحاولة علاجها والحد منها يحدثنا الأستاذ وليد بن صالح الشمري من كلية اللغات الأوروبية والترجمة بجامعة الملك سعود بالرياض من خلال دراسة، هذا ملخصها:
***
تحديد الظاهرة
إن درجات اختبارات الطلاب في الاختبارات الشهرية والفصلية هي في رأيي المحدد الأول لمستويات الطلاب في مادة كاللغة الانجليزية.. هذه الدرجات بلا شك تُظهر ضعفا في مستويات الطلاب، وتُظهر بشكل عام ظاهرة ضعف الطلاب في هذه المادة.. اضافة الى آراء الموجهين ومدرسي اللغة الانجليزية التي تؤكد أيضا وجود هذه الظاهرة.. وعندما نقول ظاهرة ضعف مستويات الطلاب فإننا نقصد بذلك مقارنة مستويات الطلاب بما ينبغي أن يكون عليه المستوى. وقد يبرر البعض ضعف مستويات الطلاب في مادة كاللغة الانجليزية بأنه نتيجة لضعف دراسي عام.. فالطلاب ضعيفو المستوى في مادة كالإملاء وفي مادة كالقواعد بل يظهر أحيانا الضعف جلياً في مواد الرياضيات والتوحيد على نطاق قد يفوق أحيانا ضعفهم في اللغة الانجليزية. إن هذا الأمر وإن كان يعنينا قليلا إلا ان أكثر ما يعنينا هو مادة اللغة الانجليزية ومقارنة المستوى الفعلي لما ينبغي أن يكون عليه المستوى.
تحليل الظاهرة
عندما نتطرق الى مواطن ضعف الطلاب في اللغة الانجليزية في كامل جوانبها يتضح لنا الآتي:
* ضعف الطلاب بشكل عام في القراءة والنطق. فالقراءة ضعيفة من حيث سرعتها واجادتها، حتى الطلاب الذين يمكن وصفهم ب(جيد القراءة) نجد لديهم ضعفا فيما يسمى بقراءة الفَهْم.
* التحدث: ما زال هناك قصور في استخدام اللغة الانجليزية. فالطالب فقط يستخدم ما تعلمه لما تعلمه، وقليلا ما يستخدمه في مواقف لغوية أخرى، اضافة الى طبيعية التحدث من حيث السرعة والدقة، اضافة الى قلة مفردات اللغة ومصطلحاتها لدى الطلاب.
* الاستماع: إن الطلاب لا يستطيعون فَهْم ما يستمعون اليه ومواكبة سرعة الفَهْم أثناء الاستماع، وذلك يظهر واضحا إذا كان المتحدث انجليزي المنشأ.
* الكتابة: رغم وجود بعض القصور في نواحي الخط وصحته إلا انه قليل جدا ولا يمكن وصفه بالظاهرة.. وقد حدث تحسن ملحوظ في الكتابة في السنوات القليلة الماضية بفضل المناهج الجديدة التي أعطت للخط والكتابة بصفة عامة أهمية خاصة. ولكن القصور القائم في الكتابة هو الهجاء، فنجد الكتابة كثيرا جيدة من حيث الخط وخاطئة من حيث الهجاء.
وإذا كنا قد وصلنا الى تشخيص وتحليل للظاهرة في كثير من جوانبها، فإن ذلك قد يساعدنا كثيرا في الوصول الى حلول وتقديم اقتراحات علاجية للظاهرة موضوع الحديث.. وقبل ان نتطرق لهذه الاقتراحات العلاجية وجب علينا أولا البحث في أسباب هذه الظاهرة.
أسباب حدوث الظاهرة
* الأفكار والانطباعات المسبقة عن صعوبة المادة: هذه الأفكار التي توارثها الطلاب من خبرات سابقيهم عن صعوبة فَهْم اللغة الانجليزية تخلق اتجاها لدى الطلاب سلبيا في تعلم هذه المادة، وتؤدي الى نوع من النفور والاحباط والقناعة بتعلم القليل منها.
* تأخر سن بداية التعلم: فالطالب في المملكة يبدأ في تعلم اللغة الانجليزية في سن الثالثة عشرة تقريباً.. أي يبدأ في سن بداية مرحلة تسودها الكثير من التغيرات والتقلبات التي تصيب الطالب في هذه المرحلة.. مرحلة الذهن المشتت أحيانا، المشغول بمناحي حياتية أخرى، المشحون بنواحي نفسية مختلفة.. ويبدأ في تعلم لغة جديدة في ظل هذا البركان الهائج.
* قلة عدد حصص اللغة الانجليزية المحدد بأربع حصص أسبوعيا، وذلك يؤدي بدوره الى قلة ممارسة الطالب لهذه اللغة الجديدة التي لم يألفها من قبل ولم يستمع أو يمارس لها إلا في هذا الوقت القليل بين جدران الفصل.
* افتقار البيئة لعناصر نمو اللغة: وهذا أكثر ما ينطبق على المناطق والمحافظات الصغيرة التي تخلو مثلا من شركات أجنبية أو عاملين أجانب متحدثين باللغة الانجليزية يستمع اليها الطالب ويمارسها وتخلق ألفة بينه وبين هذه اللغة بعيدا عن حوائط الفصل الأربع. فنجد مثلا بيئة كالمنطقة الشرقية أو منطقة جدة أو الرياض بيئات ثرية مقارنة بمنطقة كمنطقة القريات.
* وجود لغات أخرى محيطة بالطالب تؤدي الى نوع من الاحباط في تعلم اللغة بشكل عام. فنجد الطالب يستمع الى اللغة الهندية أو الأردية أو الفلبينية أو البنغالية من العامل أو السائق أو الخادمة تجعله في حيرة من أمره كثير التساؤل عما يقولونه ولا يفهمه، وتخلق انطباعا لديه بصعوبة اللغات بما فيها اللغة الانجليزية واحساس مبكر بالفشل في تعلمها.
* الحد الأدنى للنجاح في اللغة الانجليزية في المرحلة المتوسطة هو 40% من الدرجة الكلية وهي نسبة لا تحفز للمزيد من التعلم، بل تؤدي الى نوع من الاستهانة بالمادة وخلق انطباع لدى الطالب بسهولة النجاح دون حدوث أي تعلم حقيقي.. فبدرجة أعمال السنة وقليل من درجة الخط التي تتعدى خمس عشرة درجة يستطيع الطالب النجاح دون معرفة كلمة انجليزية واحدة. فأي حافز يمكن أن يدفع الطالب للتعلم إذا لم يكن النجاح والرسوب أحد أهم هذه الدوافع.
* التأثر بضعف المستوى في المواد الأخرى: لا شك أن التعليم كل متكامل، وضعف الطالب في المواد الأخرى كالاملاء والقواعد والرياضيات والتوحيد يؤثر بشكل سلبي على مستوى الطالب في اللغة الانجليزية ويؤدي الى نوع من الفشل العام.
هذه العوامل والأسباب إن لم تكن كلها فبعضها على الأقل واضح في تأثيره على مستويات الطلاب في اللغة الانجليزية اذا افترضنا سلامة المناهج وفاعليتها.
اقتراحات وتوصيات
إذا كنا قد توصلنا الى تحليل لجوانب الظاهرة وتطرقنا الى بعض أهم أسبابها، استطعنا ان نضع بعض الاقتراحات التي تفيد في علاج الظاهرة وكذلك بعض التوصيات التي نراها ضرورة لذلك ومنها:
* التركيز على اختيار مدرسي الصف الأول من المرحلة المتوسطة من المدرسين الأكفاء المشهود لهم بذلك. فبراعة مدرس الصف الأول وقدرته على تحويل مفاهيم الطلاب وانطباعاتهم تخلق ميلا جديدا ايجابيا ومحببا تجاه هذه المادة وتبني قاعدة جيدة يمكن الاستناد اليها في مزيد من التعلم مع مراعاة احداث نوع من الاستقرار وعدم التغيير لهذه الفئة خاصة منذ اليوم الأول للدراسة، وذلك لتلافي عامل عدم الاستقرار وتأثيره السلبي في هذه المرحلة بالذات.
* تبكير سن التعلم في اللغة الانجليزية قبل مرحلة المراهقة، ويوصى بتدريسها في المرحلة الابتدائية، وهذا ما قامت به وزارة التربية في الآونة الأخيرة.
* التوصية بزيادة عدد حصص اللغة الانجليزية في المرحلة المتوسطة دون أن يصحبه زيادة في كم المحتوى المقدم لهم لاعطاء فرصة أكبر في استخدام هذا المحتوى في أنشطة وممارسات مختلفة.
* رفع الحد الأدنى للنجاح في اللغة الانجليزية الى 50% على الأقل من المجموع الكلي للمادة وتركيز مفردات الامتحانات على قياس التعلم الحقيقي للطالب.
* تزويد المنهج الدراسي بالكثير من الصور والوسائل والأناشيد البسيطة المرحة التي ترغب الطالب في تعلم هذا المنهج.
* التركيز على استخدام شرائط اللغة الانجليزية المصاحبة للمنهج لخلق نوع من الألفة للغة الأصلية وتعويد الطالب على الاستماع من أجل الفهم والتحدث.
* التركيز على الأنشطة التي يقوم بها الطلاب بأنفسهم خلال الدرس حتى يتسنى لهم استخدام اللغة في مواقف مختلفة وحتى لا تبقى اللغة مجرد ألفاظ جامدة.
* القيام بزيارات طلابية باللغة الانجليزية الى مناطق التحدث بها كالمستشفيات والمطارات والمنافذ حتى يتسنى لهم ممارسة اللغة بصورة طبيعية خارج أوراق الكتاب وجدران الفصول.
* التركيز على تنوع الأنشطة التي يقوم ويكلف بها الطلاب لا أن تصبح لوحات عند خطاطين فحسب، بل يكلف الطالب بعمل لقاءات تسجيلية ومقابلات كتابية وكتابة خطابات وعمل بطاقات يشرف عليها المدرس اشرافا جاداً.
* تحديد الطلاب الضعيفي المستوى ودراسة نقاط الضعف لديهم وتقسيمهم الى مجموعات متجانسة لعلاج هذا الضعف واعطائهم رعاية خاصة.
* عمل مجموعات تقوية للطلاب الضعيفي المستوى لسد الفجوة التعليمية بينهم وبين أقرانهم، تبدأ هذه التقوية مع بداية الفصل الدراسي لا نهايته.
* تقليل نصاب مدرس اللغة الانجليزية من الحصص ما أمكن حتى يستطيع القيام بدوره في ذلك كله بصدق واخلاص.
* الاهتمام برعاية الطلبة المتفوقين في اللغة الانجليزية اهتماماً خاصاً لما لهم من أثر فعّال في ضرب المثل والقدوة للطلاب الضعيفين.
* الاهتمام بتقديم أنشطة لغة انجليزية غير روتينية بالاذاعة المدرسية تشوق الطلاب لهذه المادة.
|