كان هذا العنوان عطفاً على مشهد المواطنين المتزاحمين على بوابات البنوك للاكتتاب في شركة اتحاد اتصالات، ولم يكن التدافع والتزاحم بسبب الفضول الذي اعتادت على أدائه جماهير العامة لدينا، بل إنه لرغبة كامنة لدى الناس بدافع تطوير الحياة المالية وتحسين المداخيل المتردي معظمها.. كان هذا أو ذاك سبباً من أسباب كثيرة.
ولأن معظم المتدافعين صوب الصناديق وخطف الاستمارات، قد صوَّروا لأنفسهم نسباً عادلة في الاكتتاب، فقد حبس البعض لعابه المسكوب على مستقبل الأداء وجني الأرباح المتضاعفة بما يشبه الخيال لمثل هذه الشركة، كون المواطن المساهم والمشترك في اتصالات الأولى يدرك حجم القرش الذي كبر وثقل من جيب هذا المشترك لا سواه.
لكن المفاجأة كانت في إعطاء العامة نسبة الـ 20% فقط من الأسهم المطروحة، وما تبقى ذهب الى المؤسسين الكبار، هذا مع افتراض خطورة المعادلة التي تقول إن عشرة آلاف سهم تمثِّل الحد الأقصى للاكتتاب للفرد الواحد، قد تتضاءل، وتصبح نسبة المتوقع لا تتجاوز المئة سهم أو أقل أو أكثر بقليل!
ولأن مثل هذه القوانين المحيرة، تُقابل بقوانين أخرى، تُسمى خداع نفس هذا القانون، فقط نشطت سوق سوداء لبطاقات العائلة، وهرول كبار المستثمرين باتجاه المساكين، ومن لا يملكون سوى (دفاتر العائلة) الخاصة بهم، والتي عادة ما تكثر بها الأسماء، لشرائها والاكتتاب بأسماء أفرادها، وكما قِيل فإن استخدام البطاقة أو دفتر العائلة قد وصل الى تسعيرة تجاوزت المئتي ريال، أما تحديد نسبة الاستفادة فقد يتم حسمها في ما بعد.
ما يهمنا من طرح كهذا هو حالة الضبط والتقنين، والتي خرجت من منفذ المؤسسات العامة إلى عصر الخصخصة، حيث إن مثل هذه الشركات إحدى ثمارها، إلا أن عجز الاحتواء للحرية المالية والشخصية للناس على كافة مقدراتهم، أمر يشير إلى اللعب بمشاعر واحتياجات صغار المستثمرين، والذين ما برحوا ينتظرون عند كل بوابة أمل تفتح لهم نوافذها بريقاً يكبر محاصيلهم المحدودة، ويدخلهم إلى نوافذ الاستثمار السريع والمضمون.
المخيف فعلاً هو أنه قد تمَّ الإعلان عن مبلغ العشرين ملياراً، وهو الرقم الذي قِيل إن الاكتتاب بلغ به مداه، وإن الحالمين ما زالوا يبحثون عن قروض وعن بطاقات عائلية للإيجار، وهي حالة مزدوجة من التلاعب الخفي، الذي لا أظنه في حال اكتماله سيكون مطمئناً من حيث المخاطرة، في حال استخدم أصحاب الهويات أو الأسماء المؤجّرة لرؤوس أموالهم في ما بعد، حيث إنها ستصبح قانونية بحتة، بينما يتواصل الركض على مضمار الاكتتاب، فيما صرَّح أحد المسؤولين الكبار في الشركات المالية النافذة بأن توزيع الأسهم تمَّ بطريقة عادلة!!
|