في مثل هذا اليوم من عام 1951 قامت مصر بإلغاء معاهدة 1936، واتفاقيتي عام 1899 بشأن السودان مع بريطانيا. فقد أعلن مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر إلغاء اتفاقية 1936 واتفاقيتي 1899، وقيام دولة وادي النيل وإعلان فاروق ملكاً لمصر والسودان.
وقد كانت معلومات وزارة الخارجية الأمريكية - مع متابعتها لما يحدث في مصر- عن السودان محدودة ومشوشة لذلك أعلنت وفي أكثر من مناسبة تعاطفها مع سياسة بريطانيا تجاه السودان وقبولها بمبدأ أن يقرر السودانيون مصيرهم وعلاقاتهم مع دولتي الحكم الثنائي مصر وبريطانيا إلا أنها حماية لمصالحها ومصالح الدول الغربية الأخرى في مصر مارست الولايات المتحدة ضغوطاً مكثفة على الحكومة البريطانية للاعتراف بتاج مصر الرمزي على السودان لضمان مشاركة مصر في الاتفاقية الدفاعية عن الشرق الأوسط لمتابعة رد الفعل في السودان على إلغاء معاهدة 1936م واتفاقيتي 1899 وتنصيب فاروق ملكاً على مصر والسودان أرسلت الحكومة الأمريكية بعثة إلى السودان لجمع المعلومات ولمعرفة مدى قبول السودانيين لفكرة التاج المصري.
وقد كانت ردود الفعل متباينة عند التيارات السياسية الأساسية، وكان لحكومة السودان موقف رافض لمبدأ رمزية التاج المصري الأمر الذي أدى في النهاية إلى تعارض في الموقفين الأمريكي والبريطاني. وفي القاهرة هاجم السفير الأمريكي السكرتير الإداري جيمس روبرتسون واتهمه بالعناد وهو الرافض لمبدأ رمزية التاج المصري على السودان. وتساءل السفير الأمريكي في القاهرة بدهشة عن اهتمام حكومة السودان بمصير عشرة ملايين من الزنوج أكثر من اهتمامها بالخطط الغربية للدفاع عن الشرق الأوسط!! في الربع الأول من عام 1952 قبل اندلاع الثورة في مصر اقترحت الحكومة الأمريكية تعيين حاكم عام محايد للسودان ولجنة دولية للإشراف على الحكم الذاتي وتقرير المصير ويقضي الاقتراح على أن يسند للملك فاروق لقب صاحب أو (لورد) النوبة ودارفور وسنار وكردفان. ولم تقبل حكومة السودان الاقتراح وحذرت من أن إحياء اللقب ربما يفسر في السودان على أنه عودة للحكم التركي.
الجدل حول هذه القضايا مع أهميتها لم يستمر طويلاً لدخول مصر والمنطقة مرحلة جديدة وحاسمة في تاريخهما، ففي 23 يوليو 1952م قامت في مصر ثورة كانت بحق نقطة تحول حقيقي لتجاوزها بمنطق المستقبل والمساواة الأفكار القديمة والبالية لذلك فهي لم تتردد في مساندتها للشعب السوداني ليقرر مصيره وبإرادته الحرة.
|