لا شيء يثير اشمئزازي أكثر من المطولات الشعرية التي لا تحوي مضامين وأفكاراً جديدة، بل تقدم تكراراً مقيتاً لمواضيع سبق وأن طرقت. وإذا كان أصحاب المطولات يحاولون استعراض عضلاتهم الشعرية فلأنهم لا يدركون أن الشروط تتغير، وأن هذا النمط قد عفت عليه الأزمنة، فهم في هذه الحالة يستعيرون ألسنة سابقيهم وكذلك أزمنتهم، فلم تعد الدنيا بحاجة إلى المطولات في كل شيء، فكل حاجة أصبحت صغيرة وملحة ومضغوطة بإيقاع زمني سريع ولاهث؛ لذا فإنني أدعو جميع الشعراء ممن يرون في الإطالة فناً، أدعوهم إلى إعادة التفكير والتمعن؛ فلم تعد الدنيا مجرد نصيحة تستغرق كل هذا الجهد، كما أن أصغر طفل مستعد لإعطاء دروس في الحياة لمن يريد من هؤلاء الشعراء الذين يطيلون قصائدهم وهم أكثر ما يحتاجون إلى إطالة التفكير في قصائدهم قبل نشرها، فهذه القصائد تستهلك ورقاً أكثر وحبراً أكثر رغم أنها لا تساوي الورق والحبر الذي كتبت به.
سامي الفليح
|