بدا المسرح العراقي مهيأً لهجمة أمريكية واسعة النطاق ، خصوصا بعد قبول بريطانيا الانتقال إلى مواقع فيما يعرف بالمثلث السني ، الذي تنشط فيه المواجهات ، الأمر الذي يحدث تحويرا كبيرا في المهمة البريطانية ، يتوقع أن تكون له أصداء قوية في بريطانيا لتزيد من زخم النقاش الدائر أصلا حول الحرب في العراق.
ويتحدث الأمريكيون من جانبهم عما يسمى بالعشرين مدينة المتمردة والتي يعتزمون إخضاعها بقوة السلاح ، وهم لهذا رأوا ضرورة إعداد قوة كبيرة لهذه المهمة ، ما يعني إفراغ مواقع مهمة كانت تحتلها هذه القوات من اجل تجهيز القوة الضرورية في حملة الإخضاع هذه.
ويتعلق الأمر في جانب كبير منه بمدينة الفلوجة التي صارت الموقع المستهدف الأول في إطار كل هذه الحرب الأمريكية ، وقد بات الوضع في هذه المدينة يعكس فداحة المأساة العراقية ، حيث يموت الأبرياء كل يوم بالصواريخ الأمريكية ، بينما لا يكف القادة الأمريكيون بعد كل غارة عن الحديث عن أبي مصعب الزرقاوي ، وكيف أن الضربة الأخيرة استهدفت تجمعاً له ، فيما أصابت ضربة سابقة اجتماعاً لذات الشخصية التي يدور حولها لغط شديد ، وتحمل تصريحات أهل الفلوجة المستهدفين بهذا القصف اليومي ، نبرة استياء واضحة من التبريرات الأمريكية ، ومع ذلك فهم لا يملكون سوى التعبير عن الاستنكار في غمرة حزنهم على فقدان الأب أو الأم أو الابن أو الابنة أو الصديق أو ذلك الرضيع الذي رآه العالم اجمع وهو يتم انتشاله من تحت الأنقاض جثة هامدة.
وتكمن وراء هذا الاندفاع القوي نحو إخضاع الفلوجة والمدن الأخرى الرغبة في الانتقال لمرحلة الانتخابات في شهر يناير المقبل ، اي بعد اكثر بقليل من شهرين من الآن ، وهي مرحلة تستلزم اكثر ما تستلزم أوضاعا مستقرة ، غير أن الأسلوب المتبع حاليا قد لا يفضى إلى تلك الأجواء المستقرة المرغوبة ، فالعنف قد يؤدي إلى المزيد من العنف ، ومن المؤكد أن رغبات قوية في الانتقام تعتمل في نفوس هؤلاء الذين يجدون نفسهم فجأة في خضم حرب كتب عليهم أن يخوضها لا لشيء سوى الرغبة في الانتقام.
|