مع (كامل) التَّقدير لجميع ما يُبذل على مستوى الإعلام، والتَّربية، والتَّعليم، من أجل تحقيق هدف عام في بنود سياسة التَّعليم والتَّربية والثَّقافة العامَّة وهو (وجود العنصر البشري) القادر على التَّعايش مع عصره، فإنَّ هناك ثغرة لم تسد، وجذراً لم يغرس، ولبنة لم توضع، وعمود لم يؤسَّس لتحقيق هذا الهدف في (مساره) الصَّحيح، وعن (موقعه الأساس).
هناك فراغ في مضامين المناهج التَّعليمية، والبرامج الإعلاميَّة من الخبرات التي تؤهِّل لتحقيق وجود هذا العنصر. إذ مع استمرار هذا الفراغ، يبقى العنصر البشريُّ يتلقَّى عشوائياً، وبالصُّدفة, أو الاجتهاد الفردي، أو يُزَجُّ في معترك الحياة ليأخذ من هنا وهناك. والمعرفة والثَّقافة إن لم يؤسَّس لها في (مضامين) مدروسة ذات أهداف، تحقِّق أغراضاً تصل في النِّهاية إلى الغايات المرجوَّة فإنها تبوء بالتَّعثُّر...
ولعلَّ أولى القرائن على ما سبق أنَّ الدَّارسين في المدارس لا يجدون ما يربطهم بالواقع خارج أسوارها...، فجميع الخبرات مفرَّغة مما يجري في الكون...
الحقيقة تقول إنَّ هناك أسساً في المعرفة ثابتة لا يختلف اثنان على ضرورة استمرارها كأسس في إقامة منهج أو تهديفه أو حتى تنفيذه، وبالتَّالي يعتمد تقويم نتائجه ومردوده يقوم على تحقيقها. غير أنَّ الثوابت تطوَّرت بملحقاتها، فالعالم الآن تفجَّرت فيه المعلومات والأحداث، ولعبت فيه شخوص أدواراً على أهمِّية كبرى لأنَّ يتعرَّفها الجيل، ونشأت فيه أحداث على أهمية بالغة لسبر مكنوناتها وبسطها للعناصر البشريَّة الخام الذين سيكونون دعائم المجتمع الآتي، فكيف يكونون صنَّاعاً للتأريخ، باذلين للتَّطوير، قادرين على التَّعايش، متكيِّفين مع حياتهم وعصرهم وهم يكرِّرون ما كرَّره السَّابقون في أبجديَّة خبرات تتردَّد كما ذبذبات النَّاعورة؟!
و... مع كامل (تقديري) للجميع...
إلا أنَّ ما تقدِّمه برامج (الإعلام) يعيد ما تقدِّمه محتويات مناهج التَّعليم الجميع (مكانك سر)... وما يحدث من تغيير يلحق المظهر بينما نحتاج لوجود العناصر المستقبليَّة من البشر على أهبة الحياة لأن يلحق التَّغيير المَخْبَر.
ذلك يحتاج إلى نفضة قويَّة للخبرات المتكرِّرة والمتكلَِّسة التي لم تتغيَّر ولا تزال تفرز ما كانت تفرزه. ولا يكون التَّحديث إلاَّ بالتَّغيير.
واللَّهم اشهد.
|