كنت أعتقد أنه لن يمر علينا يوم آخر، يشبه ذلك اليوم الذي رأيناه، عندما نزلت أسهم شركة (صافولا)، فقد كان الناس يقفون بالطوابير أمام البنوك، وبيد كل واحدٍ منهم العديد من الوثائق، أقلها لهم، وأكثرها لغيرهم، فقد عمد العديد من الأشخاص غير الطيبين إلى شراء الأسماء، وتجييرها لحسابهم بعد ذلك، وقد عرض على أحدهم أن يشتري اسمي واسم أفراد عائلتي بـ200 ريال للنفر، مثلما عرض علي هامور آخر، أن يسدد لي اشتراك الغرفة التجارية، مقابل أن أصوت له في انتخابات الغرفة التجارية، وهو ما تحقق، ولكن لغيره، نكايةً فيه وزهداً في الـ300 ريال، قيمة اشتراكي في الغرفة!
لكن ذلك الزهد لم يكن أمامي في حالة سهم صافولا، فأخذت دفتر العائلة واكتتبت في أسهمها بكل ما تحت البلاطة وما فوقها، رغم ذلك لم يزد نصيبنا جميعاً، في ذلك الاكتتاب عن خمسة أسهم لجميع أفراد العائلة، لم نستلم عنها أرباحاً إلا بعد سنوات وسنوات، وكان الربح لا يتعدى الـ50 أو 60 ريالاً، لكن ما عوضنا جميعاً أن تلك الأسهم كانت أسهماً خصبة، تتوالد سنوياً حتى أدركها سن اليأس فتوقفت، بعد أن خلفت لي ولأفراد عائلتي، اثني عشر سهماً ستصير سبعة عشر سهماً إذا أضفنا الخميرة السابقة إليها، لذلك فقد أصبحت أتفاءل بها، وعندي أمل أن بنات الأسهم وأولادهم، سوف يتوالدون في مقبل الأعوام، ليعوضوا علينا ما قصر فيه آباؤهم، ومن يعش ير!
دارت هذه الواقعة في ذهني، وأنا أراقب الاندفاع الرهيب الذي تابعناه على مدى أكثر من عشرة أيام، على الاكتتاب في شركة الاتصالات الجديدة، وقد بدا الأمر، وكأنه وصلة تشفٍ في الشركة التي تربعت وحيدة وتسيدت الساحة لسنوات وسنوات، حتى صدر قرار تخصيص الاتصالات، الذي نتدافع الآن على باكورته، والسؤال الذي يطرح نفسه بدءاً: لماذا هذه الوحدانية، في بلاد تكاد تغص من ضخامة السيولة النقدية لدى الناس؟ لماذا لا تكون هناك ثلاث أو أربع شركات أوخمس للاتصالات، ومثلها للطيران والسكك الحديدية، وعشرات البنوك، بدلاً من هذا العدد من البنوك المحلية.. إن دولاً صغيرة طبقت التخصيص على أوسع نطاق، وكان قرارها في صالح المواطن أولاً وأخيراً، المواطن المستفيد من الخدمة السريعة والرخيصة، والمواطن المستثمر، فبدلاً من أن ينام مجموعة من الأشخاص، على مجموعة من الشركات والمؤسسات، مطلوب أن يكون هناك وجود مكثّف، لمئات الشركات والمصانع والمؤسسات، محلية وأجنبية، لأن هذا من شأنه أولاً وأخيراً بقاء ثرواتنا في بلادنا، بدلاً من هجرتها إلى الخارج، وبعض هذا الخارج قريب منا، فلوسنا تحقن اقتصاده وتنعشه في الوقت الذي نغض الطرف، ونضع العراقيل، التي تحول بين أصحاب رؤوس الأموال السعودية وتوظيف ثرواتهم في بلادهم، بكثرة الأنظمة والقوانين المعوقة لحركة رأس المال الوطني والأجنبي معاً!
وسوف نبقى من الآن في منصة المشاهدين، لنرى ونسمع المزيد من الأخبار المفرحة التي انتظرناها طويلاً، إلا إذا حبسها حابس، فبقيت ريما على عادتها القديمة، فقد جرت قبل شهور بوادر رص للصفوف، ليبقى الحال على ما هو عليه، وهو نفس ما حصل مع شركات أو وكالات السفر التي رصت صفوفها عدة مرات، لكن هذه الصفوف ما تفتأ أن تنفرط، والمستفيد أولاً وأخيراً من هذا الفرط هو الزبون (كلمة عميل أصبحت الآن سيئة السمعة!!) إننا ندعو أن يفك الله كربتنا مع هذه الشركة الجديدة، فتواري إلى مثواها الأخير كافة الرسوم السيئة السمعة من رسوم الهاتف والجوال والبيجر.. خصوصاً البيجر! إلى رسوم التجوال وبطاقات الإنترنت، وقبل ذلك كله نريد أن نشعر، أن كل طالب خدمة على حقٍ حتى لو أخطأ، انه شعار مدر للثروات، دفناه كثيراً!
أدعوا معي أن تزيد الشركات المساهمة بكافة أنواعها، خصوصاً التي نساهم فيها بدون رسوم!
فاكس: 014533173
Email:
|