سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة/ الأستاذ خالد بن حمد المالك وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعقد في العشر الأواخر من شهر شعبان منتدى بعنوان (معنا لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة) الهدف منه توظيف شريحة كبيرة من ذوي الاحتياجات الخاصة وهذا عمل يشكر عليه كل من اهتم بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة ومن ساهموا بالتوظيف أو الإعداد لذلك المنتدى.. وحيث ورد بالمقال بجريدة الجزيرة العدد (11687) أن القطاع الخاص هو المستهدف بهذا العمل وكما تعلمون حال القطاع الخاص فالعمل فيه للأصحاء يجعل المستقبل متذبذباً فقد يفصل الموظف المتعاقد من العمل وقد استدان وقد تعلن تلك المؤسسة إفلاسها وقد رهن مستقبله بها.. فما بالك بأصحاب الظروف الخاصة فالواجب استحداث إدارة خاصة لتوظيفهم في القطاع الحكومي فالمجال لا يزال يتسع للكثير منهم وهذا الأمر يتطلب برنامجاً تدريبياً ليتم بعد ذلك تعيينهم بالإدارات الحكومية للعمل كمترجمين بلغة الإشارة ومراسلين ومشغلي حاسب آلي بالمستشفيات والمحاكم وكل ما يحتاجه الإنسان في حياته اليومية بما في ذلك أجهزة الأمن والقوات المسلحة والمنافذ الحدودية هذا فضلا عن بعض المهن الحرفية.. وهذا الإجراء سيوفر فرصاً وظيفية تعتبر شاغرة وكما استحدثت إدارات لم تكن موجودة من قبل فالواجب استحداث إدارة خاصة لتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة وتوظيفهم.. وعلى وزارة الشئون الاجتماعية العمل على ذلك من الآن أو صرف راتب شهري تعويضاً لهم عن حقهم المشروع بالعمل حتى وإن تم توظيفهم بالقطاع الخاص فالراتب لن يفي باحتياجات الفرد فما بالك بمن لديه أسرة.. وصرف الراتب الإضافي أمر متعين فالأمر لم يعد مرضياً والعمل بالمؤسسات الفردية مضيع للوقت وللمستقبل.. ولأن العمل جزء من حقوق المواطن وليس منة لأحد فيه والدولة أنشأت مراكز تدريبية كلفتها أموالاً طائلة.. ويجب أن يتم تطبيق نظام التوظيف بعد التدريب لذوي الاحتياجات الخاصة على وزارة الشئون الاجتماعية لأنها الجهة المسئولة عنهم ولأن وزارة الشئون الاجتماعية لا يوجد بها حالياً موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة.. وستجد من لا يفهم ظروفك من الموظفين الأصحاء بل تزيدهم تذمرا على تذمرهم لأنك لم تفهم ما أرادوا إعلامك به.. هذا ما شاهدناه على أرض الواقع في أغلب الإدارات الحكومية.. ولا يوجد بها أي تمثيل للنسبة المقررة نظاماً وهي (3%) فقد أحيل ذوو الاحتياجات الخاصة إلى مراكز للإيواء وأوصد المستقبل أبوابه الواسعة أمامهم واكتفى المؤهل المجتهد منهم بالعمل بمؤسسات فردية رأس مالها لا يرويك ماء أو بالضمان الاجتماعي المخصص لوالده بعد صبر عام هذا إذا جاد الزمان.. فهل هذا هو الحل لمشكلة وطنية وهل هو التوظيف الصحيح.. إن الأمر لم يعد مقدراً على أساس صحيح بل حلول مرتجلة يتذمر منها الموظف وصاحب العمل وفي نهاية المطاف الاستقالة من العمل لإتاحة الفرصة لكبش فداء آخر جديد!!
(والمقصود بكبش فداء).. حتى لا يساء الفهم هو أن الشباب يرفض العمل براتب لا يسد الحاجة الأساسية للفرد وأسرته وسيستقيل في النهاية بعد أن يترك المجال لمتعاقد آخر يكون ضحية لقرارات مرتجلة كما مر بها سلفه.. فالبطالة أرحم من حمل ديون وأعباء إضافية لا يمكن لراتب مقداره (1000) ريال أن يفي بها ، بينما نجد أن الوافد يعطى له (1000) ريال وعند تحويله يعادل (7000) بعملة بلده.. أي ما يعادل راتب موظف مدني بالمرتبة الثامنة.. بالإضافة إلى تأمين المواصلات وتذاكر السفر.. وهذا لا يتوفر لأي عاطل يحمل مؤهل جامعي.. وقد عملت جنباً إلى جنب مع العمالة الوافدة (العاملة بالمكاتب الإدارية) ورأيتها تستغرب من قلة رواتبنا وتؤكد لي أن دخلها مرتفع ولولا ذلك لما استمروا بالعمل بالسعودية.. هذا فضلاً عما يقومون به من أعمال تشكل ضغطاً على الخدمات العامة وعلى مصادر الدخل المخصصة للمواطن.. أما تعيين الشباب من قبل مكتب العمل فمن المعروف أن المملكة العربية السعودية مدنها متباعدة عن بعضها البعض والاعتماد على السيارة هو الوسيلة الوحيدة لبلوغ الهدف في ظل شح وسائل المواصلات بالمدن الصغيرة والقرى والهجر مما يجعل الشباب من تلك المنطقة يتحمل أعباء إضافية فوق ما يجنيه من هذا العمل المرشح له (بائع في بقالة براتب 1000) ريال.. بينما الوافد (1200) ريال.. وغرفته بالدور العلوي للبقالة.. إذاً لا مجال للمقارنة بينه وبين متعاقد سعودي فالبطالة أرحم بكثير من تحمل التزامات مالية قد تجره إلى السجن بدلاً من الحرية التي كان ينعم بها قبل هذا العمل المؤقت الذي لا يستند إلى قانون أو إجراء نظامي صحيح وأنت شخصياً من يقوم بالتعاقد مع صاحب العمل وصاحب العمل لديه الصلاحية كاملة والنتيجة لن يكون لصالحك سوى التعب وقد جربنا ذلك ولدينا الأدلة.
نأمل أن نوفق لنصرة قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة فالألم لا يجب أن يتكرر مرتين الأولى بإعاقة والثانية بتذبذب المستقبل وتضييعه بالعمل في القطاع الخاص وبمؤسسات فردية قد تغلق غداً أو تعلن إفلاسها في المستقبل القريب.. إنني أحيي كل من ساهم بإنجاح توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة والشباب عامة بأي مكان سواء بالقطاع الحكومي أو الخاص ولكن لكل شيء إذا ما تم نقصان ولكل شيء حدود يجب أن تذكر وهذا لا يعني أنني أعترض على الإجراء الصحيح بل هذه هي وجهة نظري بناءً على تجربتي الشخصية المرة جداً.. وآمل أن تعي الجهة المسئولة عنهم أن هذا ليس هو الإجراء الصحيح في هذا الزمان.. فالإجراء الصحيح هو استحداث إدارة تتولى عملية تدريبهم على الأعمال المناسبة لهم وتعديل سلم الرواتب لبعض الوظائف ليتم تخصيصها لهم بدلا من العمالة الوافدة.. وبإمكان وزارة الشئون الاجتماعية التعاقد مع مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية إن أمكن ذلك لتدريبهم تدريباً حرفياً على الأعمال الإدارية وأعمال الترجمة بلغة الإشارة للمراجعين من أمثالهم بكافة الدوائر الحكومية التي تحتاج إلى خدماتهم وتلك التي يحتاجها الفرد في شئون حياته اليومية بدلا من عدم فهم مطالبهم وشحن جو العمل بجدال لا ينتهي ثم إلقاء اللوم على ذوي الاحتياجات الخاصة كما نرى في أغلب الأحيان.والحديث عن توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة لا يجب أن يكون عشوائيا بل يجب أن يستند إلى إحصاء دقيق بالعدد الكلي لذوي الاحتياجات الخاصة مؤهلين وغير مؤهلين فالعدد الحالي يمكن احتواؤه بدلاً من العمالة الوافدة التي لا تخلو منها أي إدارة حكومية.. وبعد ذلك يتم فرز المؤهلين وتعيينهم بوظائف حكومية مناسبة لهم من حيث تواجد الأسرة وتوفر وسائل المواصلات وحصر غير المؤهلين وإدخالهم ببرنامج تدريبي تمهيداً لتوظيفهم فيما بعد بما يناسبهم من أعمال وهذا الإحصاء على حد علمي لا يتوفر في الوقت الحاضر لدى وزارة الشئون الاجتماعية والمتوفر حالياً هو اجتهادات عشوائية لم تبنَ على أساس صحيح ولن تساهم بحل تلك المشكلات مستقبلا.
أكرر أن هذه هي وجهة نظري والرأي الأتم لكل قارئ.. وليس اعتراضا على توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة والشباب عامة بالقطاع الخاص (فمن يفعل الخير لا يعدم جوازيه وله منا الشكر وخالص العرفان).
وآمل أن لا يكون التوظيف توظيفاً مرتجلاً كما يفعل مكتب العمل بالشباب بل يجب متابعة من يتم تعيينه منهم لتقييم السلبيات والإيجابيات وحصرها سواء على الفرد أو صاحب العمل ومن ثم اتخاذ الحلول المناسبة وسن تشريعات تناسب حال الطرفين حتى لو ترتب على ذلك تبعات مالية فيتوجب على الجهة المسئولة عنهم تحمل تلك التبعات المالية حتى لا يتم إجباره على الاستقالة قسرا لعدم مقدرته على الثبات على إجراءات بعضها تعسفي.. هذا قد يحصل لأي موظف متعاقد ولكن عند مراجعته لمكتب العمل طالباً النجدة سيجد أمامه من لا يهتم بظروفه.
عنهم / نايف المبارك العدوان
ص.ب 33 - القصيم - الدليمية |