كثيراً ما يدور بذهني هذا التساؤل.. وهو لماذا لا نقرأ.. لماذا القراءة لا تشغل سوى حيز يسير من أعمالنا اليومية.. مع العلم أن القراءة هي أحد الأسباب الرئيسية لرقي الأفراد، وبالتأكيد لا يعلم الكثير منا أن القراءة هي لغة التخاطب وأداة الكتابة.. فمن دون القراءة لا نستطيع التخاطب كما يجب ولا الكتابة كما يجب.
يشكو البعض من التعرض للملل عند قراءته أحد الكتب، فلا يكاد يقرأ صفحة أو صفحتين حتى يأتيه كابوس الملل والتفكير بما هو خارج ما يقرأه.
ولكن، يجب أن نعلم أن دخول مجال القراءة لا يكون غلا على سبيل التدرج، فإن كانت المعاناة من القراءة تنبع من الملل منها، فابدأ بقراءة ما يشعرك بالمتابعة والانجذاب والتركيز، كالقصص والروايات، فاجعلها بوابة الثقافة والاطلاع والتي من خلالها بالإمكان الإبحار في أعماق كل كتاب.
الجميع يعلم أهمية القراءة، وبنائها للثقافة والعلم، وإنارتها للعقل لتحديد وتفسير كل ما كان خافياً، وكل ما يبدو غامضاً في هذه الحياة.
بالإضافة إلى ما يجنيه الشخص من قراءة الكتاب بشكل عام من معلومات وفوائد مهما يكن هذا الكتاب، فتجد الشخص بعد قراءته أي كتاب، تجتاحه موجة من التعبير، يشعر بأنه بحاجة لأن يخرج ما بداخله في سبيل حوار أو كتابة، وهذا مؤشر واضح ان القراءة تعتبر اتجاهاً نتائجه فورية ملحوظة.
صدقوني أشعر بالأسى لمن لا يقرأ، أشعر بأنه في نعمة يجهل مفتاحها وبوابتها الرئيسية والتي يطل منها كنز لا نهاية له، وكلما اقتحم المرء هذا الكنز وجد بانتظاره الكثير.
علاج من لا يحب القراءة أو لا يهواها، هو قراءة صفحات بسيطة كل يوم قبل النوم، فثلاث صفحات أو أكثر قبل النوم كفيلة بأن تجعل من الانسان يخلد للنوم في راحة بال واطمئنان وتفكير هادئ، بالاضافة الى انها تزيل بعض الأرق لمن يجد صعوبة في النوم، وليست القراءة محصورة في نوع واحد أو مجال واحد كما سبق ان ذكرت، فالانسان يجد في كل مجال في هذه الحياة كتباً أو روايات تشمله، ومن خلالها يستطيع معرفة الكثير والكثير عما يحتاجه.
سألت قبل بضع سنوات محاميا عن نصيحة للنجاح في الحياة العامة، فقال لي بالحرف الواحد (القراءة).
فبادرته باستفسار عن ماهية الكتب التي يتوجب عليّ قراءتها..
فقال : اقرأ فقط، اقرأ كل شيء ممكن قراءته، حتى لو وجدت ورقة في الشارع قم بقراءتها، لا تترك القراءة حتى لو قمت بتغيير برنامج حياتك وخطتك، فابق القراءة هي الشيء الذي لا يتغير من خطتك حالياً.. ومستقبلا.
وبنظرة عامة لو سألنا أي شخص ممنْ نجحوا في عملهم وتولوا المناصب بجهودهم ومكافحتهم.. فستجد أحد الأسباب هي القراءة والتي أنتجت البحث والمناقشة والكتابة أيضا..
من أين يأتي العلم؟
من أين تأتي الثقافة؟
من أين يصبح الكاتب كاتباً؟
كل شيء في هذه الحياة.. بدأ بالقراءة.. وأول آية في القرآن.
هي : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
أمر الله بالقراءة في أول آية نزلت في القرآن ولا أعتقد أن هناك بعد ذلك حجة أو دليلاً يقضي بأهمية القراءة وفضلها فمن دونها لما وصل إلينا دين الإسلام، من خلال معرفة النصوص من قراءة القرآن، ولما وصل إلينا تفصل العلوم، من خلال التفسير المقروء.
إذاً المسألة أصبحت في غاية الوضوح، ولا تنسوا أن التدرج هو أساس النجاح في العمل الغامض.
حاول التدرج في القراءة من سهل إلى أصعب، ومن عام إلى أخص وأشمل، ومن مجال ترفيهي إلى مجال تخصص.
وبهذه الطريقة، صدقوني، ستجدون حلولاً لمشاكل، كان حلها غائباً.
وتذكروا، بضع صفحات، تحجب غيوماً كثيرة من الجهل.
والتجربة خير برهان.
|