Tuesday 26th October,200411716العددالثلاثاء 12 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

لماذا المساس بالعلماء والتشكيك بالثوابت؟(1-2) لماذا المساس بالعلماء والتشكيك بالثوابت؟(1-2)
د. حسن بن فهد الهويمل

ما من عصر أو مصر إلا ويخلو فيهما من يربك المسيرة، ويصدِّع التلاحم، ويضع الأمة على مفترق الطرق، حتى لا تدري أين المفر.
وما تفرقت الأمة إلا من بعد ما جاءتها قوافل المستغربين، تحمل رايات التزهيد بتراث الأمة، والتشكيك بقطعيات الدلالة والثبوت، وحتى التاث أمرها بأنصاف المتعلمين، ممن احتلوا وسائل الإعلام للقول في سائر الشؤون، فكان أن ضيق عليها المتنطعون، حتى التقت أضلاعها، ووسع لها المتعلمنون، حتى فقدت ضوابطها، وأضلها الجاهلون حتى حارت بعد الكور. وضاع الوسطيون في ضجة الإفراط والتفريط، ولقد ظاهرت دعاة الاستغراب موجات الغزو والتآمر المتدفقة من كل حدب وصوب، مؤدية دورها المرسوم وتدبيرها المحكم. ومما صعد الإشكاليات فهم الأشياء على غير وجهها وذهاب كل مفكر بما يرى، دون بصر أو بصيرة. واشتغال غير أولي التخصص والتأصيل المعرفي بما سلف من علم شرعي أو بما خلا من علماء أجلاء، أقيمت على جهودهم حضارة أمة، قبست منها كل الحضارات. والحائمون حول الحمى: إما جهلة يفتقرون إلى معلمين، أو ضالون يتطلبون مرشدين، أو مواطئون يحتاجون إلى محذرين أو إلى متعقبين، يتجاوزون لحن القول إلى ما تخفي الصدور.
ومما يعكر صفو الحيوات الفكرية والحضارية، ويذكي أوار الارتياب والشك ما يتعمده ذوو القامات القصيرة والمحصول السمعي المضطرب من استدعاء غير مبرر لأساطين الفكر وجهابذة العلم، ممن جددوا لهذه الأمة أمر دينها، وتعاملوا مع النوازل بعلم غزير، وفقه دقيق وإلمام بمتطلبات المرحلة التي عاشوها بكل ظروفها وملابساتها، وخلوا بما كسبوا واكتسبوا.
واستدعاء العلماء الأفذاذ، لا يكون بابتسار مفردة من مفرداتهم التي خالفوا بها الإجماع، وأجمع خلفهم على انفرادهم بها، وكانت في النهاية من خطأ الاجتهاد، الذي لا ينفك منه عالم نذر نفسه لمواجهة النوازل وعالم أتقن العلوم وأصولها ونازل أساطين الملل والنحل، وفند أقوالهم، لا تسقطه مخالفة في الفروع، فلكل مجتهد مطلق أو مقيد، ولكل مذهب يحيل إلى الأصول والقواعد الخاصة به مفردات لا يعضدها إجماع، ولكنها تظل شاهداً على الحراك السليم للاجتهاد المشروع. وكيف نتأفف من خطأ الاجتهاد، والصحابة رد بعضهم على بعض، وخالف بعضهم بعضاً.
وكم كنت أتمنى من أولئك المغرمين بإيقاظ النوم، وإزعاج الآمنين، أن يدعوا من ودعهم من سلف الأمة، ممن لم تكن لهم مواقف أو آراء تناقض ما علم من الدين بالضرورة، وإن كان ثمة فضلة من جهد أو وقت، فإن عليهم إنفاقها في البحث عن منقذ للأمة، مما هي فيه من تخل عما يحييها، وتقاصر متعمد عما في أيدي الناس من مهارات، وما في أدمغتهم من معلومات عن ظاهر الحياة الدنيا. وعلماء السلف الذين يستمرئ الجهلة المغامرون النيل منهم، لا يمنعون من علم، ولا يحولون دون اجتهاد، ولا يضيقون واسعاً، ولا يدعون إلى رهبانية، ولا يحبذون انكفاء على الذات، ولا يصدون عن إعداد أي قوة: حسية كانت أو معنوية. وإذا كان قدرهم قد ألقاهم في آتون الفتن، وجاء بهم في زمن التداعي على الأمة، مما شغلهم بالتصدي والتحدي والصمود، فإن ذلك لا يعني عنفهم ولا صلفهم، وإنما يعني الدفاع عن بيضة الإسلام وحوزة الأمة، وأين الناقمون من حملات الصليبيين، وعنف التتار وجور المقتسمين لتركة الرجل المريض التي تمخضت عنها اتفاقية (سايكس بيكو)؟.. وأين هم من غطرسة القوة ووحشية المحتل؟ فأي فترة من فترات الإسلام فعل فيها الحكام والعلماء ما يفعل بالمسلمين القابعين في ديارهم؟.. والناقمون على علماء الأمة تمتد نقمتهم إلى تراثها، وكان عليهم إذا اتجهوا صوب الموروث العلمي أو الفكري أو الأدبي أو إلى أحد من رجالات هذه المعارف أن يكون ذلك لاستيعابه أولاً، وفهم أنساقه وسياقاته وظروف تشكله، ثم استصحاب ما تقوم الحاجة إليه، وما لا يتحقق الوجود الكريم إلا به. فما من حضارة إلا ولها كتابها المنزل، وشرعها المستنبط، ومنهجها المحكم، وحملة تلك الأمانة. وليس منتمياً من لا يتمثل الثوابت، ويظهر الدين: سلوكاً وشعائر ومنهج حياة. وبخاصة أن الدين الإسلامي: شرعة ومنهاج وشمول. ولن تأخذ الحضارة الإسلامية حقها المشروع حتى تكون بادية للعيان: بشعائرها ومشاعرها وأوامرها ونواهيها وأنظمتها ورؤيتها للكون والإنسان والحياة.
وليس بمسلم من يؤمن ببعض الكتاب، ويكفر ببعض وإذا استحر الهجوم على الإسلام ومؤسساته وعلمائه من الإعلام الغربي، فالواجب أن نكون ردءاً له، ندفع بالتي هي أحسن، ومتى استقاموا لنا استقمنا لهم، وابتدرنا الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا نشايع معتدياً، ولا نسكت على باطل، ولا نقع تحت طائلة الانفعال والافتعال، نصدق القول الجائر، ونقبل الدنية في الدين. وإذا فهم المتنطعون والمتطرفون قضايا الدين على غير وجهها فإن ذلك لا يحمل الوسطيين والميسِّرين على إسقاطها أو الامتعاض منها، ف(التكفير) و(الولاء) و(البراء) و(الردة) و(الجهاد) قضايا إسلامية، يعد المساس بها كالفهم الخاطئ لها.
وإذا كان قدرنا - وهو قدر حميد - أن ولدنا على الفطرة، وأن آباءنا أسلمونا، مثلما هود غيرنا أبناءه أو نصروهم، فواجبنا أن نكون كما أراد الله لنا متمثلين للإسلام، كما أراده الله، محتملين تبعاته في المنشط والمكره، مقتفين أثر السلف الصالح في تقدير الأشياء قدرها، كافين عن الخوض بما لا نعلم، عافين عن أعراض العلماء، فالعلم قبل القول والعمل. ووسط ضجة المتعالمين والمتعالقين مع الآخر لابد من احترام التخصص، والتضلع من العلم، والتزود بالخبرة، والتعامل مع المستجد وفق المقاصد والمقتضيات الإسلامية، وعلى ضوء المناهج والأصول والقواعد إذ ما كان بمقدور سلفنا إنجاز تلك المعارف والفنون، لولا ما توفروا عليه من علم غزير، وفهم دقيق، وخبرة واسعة، ومنهج واضح، وآلية مرنة، ومعرفة كل شيء عن مجال الاجتهاد وآليته ومنهجه. والمؤذي أن طائفة من الأحداث استدبروا النوازل، وأنشبوا أظفارهم بما كفوا مؤونته من كليات ناضجة، وبما خلا من علماء أفذاذ.
وهذا التحرش بالثوابت وبالعلماء أخلى الثغور لمن مالوا على الأمة بأفتك الأسلحة، وأحد الألسنة، فأهلكوا الحرث والنسل، وأيقظوا الفتن، وفرقوا الشمل. وكلما نهض الغيورون لفك الاشتباك، وإيقاف التدهور، وصفوا بضيق العطن، واتهموا بالحد من الحرية. وما علموا أنه من حق كل مقتدر مساءلة أي مشتغل بحيازات الأمة، فكان منه الإفراط أو التفريط وليس هناك ما يمنع من تلقي التراث، وقراءته بعيون العصر وإرادته، ولكن دون تنقص أو إسقاط. ولن تكون القراءة لحضارة الذات سليمة، ما لم يتزود القارئ بالمعرفة والخبرة والصدق والتقوى، ولن تستوي الحضارة ما لم تتزود بما ينقصها من حضارات الغير، مما لا يتعارض مع المقاصد والمقتضيات.
والصفقات الخاسرة في اشتغال الخلي بالتشكيك في بناة الحضارة، من علماء متمكنين، ومفكرين مقتدرين، ومصلحين ورعين. وهو بعد لم يسد المكان الذي سده أولئك، ممن أصبحوا مجالاً للاتهام والتجريح والسخرية والاستهزاء.
ولو أن علماء السلف الذين شيدوا صرح هذه الحضارة، كان ما تركوه من تراث عقبة في طريق التحضر والتمدن، لباركنا لهؤلاء مساسهم بهم.
ولو كانت المراجعة لموطن خلاف معتبر، ما كان منا امتعاض، ولا تذمر، ولا ارتياب. ولو أن أخذ العالم بالمسألة على رأي يترتب عليه اضطراب في المفاهيم، لكان لزاماً على من خلف تدارك ما سلف. ولو أن مقاصد المراجعة لرأب الصدع وإعادة الوفاق بين أطياف المذاهب، لكان مثل ذلك داخلاً في إصلاح ذات البين، وتنقية الدين مما علق به من دواعي الفرقة والتنازع.
ولو أن المراجعة تمت دون المساس بأهلية العالم أو التشكيك بقدرته أو الطعن في أمانته، لكان ذلك داخلاً في الاختلاف المشروع.
ولو كانت المراجعة لتخليص الأمة من حرج، أوقعها فيه العالم، لكان في ذلك تفريج لكربة الأمة، وتيسير عليها. وما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، والله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر.
ولو كانت المراجعة من عالم متخصص، يشتغل في مجاله، ويستكمل رؤيته، وفق النوازل والمعاصرة، لما كان في ذلك محذور، فباب الاجتهاد مفتوح. لكن الأمر غير ذلك كله، وكل الذين يتجرؤون على علماء الأمة ما هم منهم، لا في علمهم، ولا في ورعهم، ولا في حملهم لهم الدين والدنيا، ولا في صدعهم بالحق. وما تلك الزوبعة إلا من اللغط الإعلامي الذي يسد فيه الكاتب أو المتحدث فراغاً، أو يكسب فيه شهرة، أو يحصل به على ثمن بخس من لعاعات الدنيا.
وقراءة التراث قراءة مريبة، تقاطر عليها مستشرقون ومستغربون، كانوا خليطاً من متمكنين ومتسطحين، وباحثين عن الحق، ومضلين عنه. وتعشق الحديث عن المسكوت عنه عفة أو تفويضاً مؤذن بفساد كبير، وقد يكون المسكوت عنه من المتشابه، والراسخون في العلم لا يزيدون على الإيمان أو التفويض. والمريب أننا لا ننفك من طلعات موجعة، تشكك في اليقينيات والثوابت، وتستدعي المتشابه والمسكوت عنه، وتقدح بثقات أجمعت الأمة على عدالتهم وأهليتهم. وكيف تسلم الأمة عبر حقبها التاريخية لمتكلم، أو محدث، أو فقيه، أو مصلح. ثم يأتي نكرة لجوج يخرج على الإجماع، فيطعن في الأمانة، أو يقلل من المعرفة، أو يصف بالسفاهة.
والمتابع لفيوض الإعلام، ينتابه الخوف مما يعتري قضايا الأمة ورجالاتها من سهام أبنائها. ومصميات الأمة أن كل انتهاك لقطعيات أو تجريح لعلماء يسوغه المنتهكون بدعوى الحرية وحق الاجتهاد، وتلك شنشنة لا ننفك نسمعها من كل أفاك أثيم.
وإذا كان تراثنا مليئاً بالقول والقول المناقض فإن بإمكاننا أن نتخول الزمن المواتي والأسلوب المحكم، فالوضع المعاش مثقل بكل العوائق. وإذا استطاعت الأمة احتمال المواجهة فإن علينا أن نستعرض مفردات الحضارة على مهل، ثم نأخذ بأحسن النتائج فليس كل ما خلفه علماؤنا مما تقوم الحاجة إليه، وليست العصمة لأحد غير الرسل، فكل عالم راد ومردود عليه، ولكن المواجهة مركب صعب، لا يؤتاها إلا الأفذاذ، وليس من الاقتداء السليم أن نأخذ كل ما توصلوا إليه بحذافيره، ولا أن نتمثله كما لو كنا معهم في زمانهم. وكيف يتأتى ذلك و(عمر بن الخطاب) قد استحضر تغير الزمان، وأكد على أن أبناء معاصريه خلقوا لزمان غير زمانهم، و(الشافعي) قد استحضر تغير المكان، فكان له مذهبه القديم والجديد، وما تحفظنا إلا على ما نراه من نسف للتراث، وإدانة للعلماء، أما أن نعيد قراءة التراث بعيون العصر وإمكانيات الحاضر، فذلك عين الصواب، غير أن ما نسمعه، وما نراه، يختلف عن ذلك كل الاختلاف. وكيف يحتمل (الرأي العام) من يتكئ على أريكته باسترخاء، ثم يصدر أحكامه بكل برودة أعصاب وسوء قصد، فيحكم بكفر عالم أجمعت الأمة على جلال قدره، وحفل التاريخ ببطولاته، وماذا يضيف منكر القول إلى أمة مثخنة الجراح مهيضة الجناح.
ومتى كثر لغط المبتدئين، وتعالى صخب المتعصبين، فإن من حق الشركاء في السفينة الأخذ على يد السفهاء والمجازفين، الذين يهزون الثوابت والمسلمات، ويشككون لداتهم في يقينيات الأمة. والأدهى والأمر أن ذلك كله يتم دونما حاجة قائمة، وفي ظل ظروف غير ملائمة. فالأمة متوترة، والأعداء متحفزون، والقول في حق العلماء لا يحل إشكالاً، ولا يزيل عقبة، ولا يؤلف قلوباً، ولا يقيل عثرة، وما أتيت الأمة إلا من جهلة يتعالمون بقول معار أو معاد، وكل ما يقال لا يعدو كونه اجتراراً لما فرغ منه المستشرقون والمستغربون والمتعصبون لمذاهبهم وما تلقفه المستشرقون، وبنوا من ذراته قباباً، لا ينخدع به إلا الفارغون من المعرفة أو الغافلون عن مكائد الأعداء. والمتعقب للطرح المستفز، لا يجد فيه إلا طبيخاً مغباً أعيد تسخينه. فما ترك المستشرقون والظلاميون قولاً لقائل، لقد قالوا عن الله وفي الله ما يتعالى الله عنه علواً كبيراً، وقالوا عن رسوله، وعن مصدري التشريع، وعن سلف الأمة ما لا تحتمله الجبال الراسيات. وما أضر بالمسيرة الفكرية للأمة إلا الذين تصوروا أن كل قول يقال يمتلك الشرعية، وتحميه حرية القول، وإلا الذين لا يقرؤون أطروحات العصر وتقلباته الفكرية، وإلا الذين لا يفقهون المتغيرات، ولا يحسبون للواقع حسابه. إذ ما يقال في زمن القوة والتماسك لا تحتمله الأمة في زمن الضعف والتهالك. وأحوال الأمم كأحوال الأجسام، تتعرض للأمراض، ثم لا تقدر على الحركة ولا على الاحتمال، ومن عرض الجسم المريض لما لا يقدر على احتماله، فقد حمله ما لا طاقة له به. والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها. وهل من عاقل رفيق يرى أن أمته بوضعها الحالي قادرة على الإمعان في بلبلة فكرها وإثارة شكوكها بآراء وتصورات ومواقف ليست من متطلبات المرحلة؟ وإذ نؤمن بأن بعض العلماء قد يتعرضون لإشكالية الخلط بين الثوابت والمتغيرات، وقد لا تدق رؤيتهم، بحيث لا يفرقون بين الشرائع والأعراف والسوائد والمسلمات فإن معالجة تلك الإشكاليات لا تكون بالنيل منهم والسخرية بهم، وإسقاط عدالتهم، والتشكيك بأمانتهم، وإنما هي بإرشاد ضالهم، وتعليم جاهلهم، والتماس العذر لمخطئهم، ذلك أنهم اجتهدوا ما وسعهم الاجتهاد، وحين لم يحالف بعضهم الصواب فإن من واجبنا أن نستدرك إخفاقاتهم، مع الترحم عليهم، والاستغفار لهم، وحسن الظن بهم، وعدم الجزم بصواب ما نرى وخطأ ما يرون. فقضايا الاجتهاد مجال للأخذ والرد، ومن خلط بين اليقين والاحتمال، وقع في تأليه الهوى. وليس من الحصافة أن نتبع سنن الأعداء، ولا أن نسلم لكل دعاويهم. لقد نالوا من مرجعيات الأمة: الكتاب والسنة، وطعنوا في حملة الرسالة وورثة الأنبياء، وكرسوا الطائفية والمذهبية، وعززوا جانب التعصب، وباركوا تنازع العلماء، ونقبوا في تراث الأمة بحثاً عن المتشابه، وكل من في قلبه زيغ يتبع ما تشابه منه. ولقد تلقت طائفة من أبناء هذه الأمة راية الطعن والتشكيك، واستمرؤوا الخوض في آيات الله بغير علم، واستحلوا تجريح علماء الأمة، وأحلوا قومهم دار البوار، فكان أن هددت حصون الأمة من الداخل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved