قضايا المنطقة في السباق الرئاسي الأمريكي

تحتدم حمى الانتخابات الأمريكية مع اقتراب الموعد المحدد للتصويت ، وتبرز قضايا المنطقة ضمن الجدل القائم للمفاضلة بين الرئيس الحالي جورج بوش ومنافسه الديموقراطي جون كيري ، ويبدو أن العراق هو من بين اكثر قضايا المنطقة إثارة للجدل بين الرجلين الساعيين إلى المنصب الرئاسي ، فيما تأخذ القضية الفلسطينية جانبا أقل من المناقشات ربما بسبب تماثل وجهات نظر الاثنين تجاهها ، وهو تماثل تفرضه طبيعة اللوبي اليهودي الذي يحدد مسارات السياسات تجاه فلسطين ، ومن ثم يبقى القليل من الاجتهاد من قبل بوش وكيري للخروج عن تلك المسارات المحددة سلفا.
إلا أن المجال يتسع أمام الرجلين وأمام كل الساسة الأمريكيين ، إذا كان ثمة اجتهاد يعمق من الأزمة التي يعانيها الفلسطينيون ومن ثم يصب في صالح إسرائيل.
وعلى الرغم من وجود رأي عام أمريكي مقدر يتطلع إلى تسوية في المنطقة تكون عادلة ، وان هؤلاء تسوؤهم المماطلات التي تحدث باتجاه الحقوق الفلسطينية المشروعة ، وأنهم يحتجون على ذهاب جانب كبير من الضرائب التي يدفعونها من أجل تسليح إسرائيل لضرب الفلسطينيين ، إلا أن آلة الإعلام الضخمة المؤيدة لإسرائيل تتكفل بتغطية سلبيات الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه المنطقة ، التي من نتيجتها أن إسرائيل تتشدد في مواقفها من التسوية ، وأنها تهمل تماما رغبة العالم أن تتجاوب مع عشرات القرارات الدولية التي تحدد طريقة التسوية.
ووفقا لهذا المنظور فانه يمكن اعتبار بوش وكيري وجهان لذات العملة ، فهما يتبعان نفس خط أسلافهما في النظر إلى العالم العربي والصراع العربي الإسرائيلي على الرغم من وضوح الحق الفلسطيني ، وعلى الرغم من شهادة العالم اجمع على فظاعة العدوان الإسرائيلي ، لكن ماذا يفعل العالم إذا كان هذا العدوان يجد الحماية من القوة العظمى الوحيدة في عالم اليوم ، وهي ذات القوة التي لا تستطيع مقارعتها أي قوة أخرى في العالم.
إن التحوير أو التغيير لن يأتي بأي حال من الأحوال من الخارج ، لكن حقائق الداخل المتمثلة في زيادة وتيرة النضال وتفعيلها هي التي تجعل الخارج يتنبه لما يجري على أرض الواقع ، ومثلما نجحت الانتفاضة الفلسطينية في إبراز عدالة القضية وفي إظهار المدى البعيد من العطاء النضالي الذي يستطيع الفلسطيني تقديمه ، فإن الحفاظ على نمو هذا الفعل النضالي هو الأقدر على كسب قناعات الآخرين إلى جانب الحق الفلسطيني وتبديد الأوهام الصهيونية ، التي يتمترس خلفها غلاة المؤيدين لإسرائيل في مراكز القرار الأمريكي من خلال العمل على كشفها واثبات عدم صمودها على أرض الواقع.