لا أحسب أنَّ امرأة على الأرض تمشي لا تتمنى أن تحقق في حياتها نجاحات مختلفة بدءاً بالأسرة الناجحة، فالعمل المرضي المناسب لقدراتها ومهاراتها، فالبيئة الواعية التي فيها تتحقق لها حياة طيبة ضمن منظومة من الحقوق الممنوحة لها، والنظم الميسرة لمعاشها، واللوائح التي لا تخلّ بإنسانيتها..،
فالمرأة كائنٌ بشري مؤهّلة لرسالة متمّمة لرسالة الرجل وفق النظام الإلهي في خلق البشر، وفي بسط الأرض ساحة لأعمالهم وسلوكهم وتوجهاتهم.
غير أنَّ الذي خلق الخلق وقدَّر لكلٍ من خلقه رسالة ودوراً لم يجعل المرأة والرجل إلا أحدهما يكمل الآخر، وبالتالي فإنَّ للمرأة دوراً وللرجل دوراً لا يغطى أحدهما إلاَّ (بالعادة)، ولا يتجاوز إلاَّ (بالعرف) ولا يطغى إلا (بالتقاليد) وهنا تكمن مشكلة المرأة المسلمة والعربية!... ذلك أنَّ كثيراً ممّا يُشَرَّع من نظمٍ، أو يُستن من قوانين، أو يقوم من حدود وقيود، ومن تعامل، وأدوار للمرأة ينبثق من (العادة) و(التقليد) و(العرف).. وهو الذي خلط بين الجائز وغيره، والمحلل والمحرم، والصواب والخطأ، والحدود والتجاوزات، والممكن وغير الممكن، في المسائل النسائية.
فالخلفيات الثقافية القائمة على قيم الأعراف، والمرسَّخة بحكم التقليد والثابتة بالعادات، لعبت في بنية المفهوم ومن ثمَّ السلوك الذي تعامل به المرأة في المجتمع الإسلامي والعربي. والإسلام كرّم المرأة ومنحها مع خصوصيتها حرّيات كثيرة في نفسها، ومالها، وحياتها. وجعل لها القرار في شؤون نفسها، بل جعلها موضع الرّفق وخيّر الرجال بتعاملهم مع النساء. ولم يوصي الشرع السماوي بأن تُقصى المرأة عن الحياة، وبأن تقسر على معيشة لا ترتضيها، ولا أن يسلبها الرجل المال، والولد، ويعذّبها ذهاباً وإياباً إلى المحاكم ومنها، ولم يسمح له بالحضور لقضية أو التأخير عنها ومن ثمَّ يجعل القضاة أمرها معلقاً بهذا الرجل الذي ترعرع على الإحساس بفوقية على المرأة، وبأحقيّة في التقدير حتى ان كان هذا الذي بينهما يمسّ الحياة بينهما.. والله تعالى يدعو أمراً بألا يجعلها كالمعلقة، وبأن الحضانة للأم، وبأنهما عندما يتفرقان بعد محاولات إصلاح يغني الله كلاً من سعته.
وتنسبغ هذه الأمور على جملة ليست قليلة من شؤون النساء يكون الموقف دوماً فيها يميل إلى مساندة الرجل على أنَّه (القوَّام) بينما للقوامة معاييرها وشروطها وحدودها.
من هنا، وجدنا النساء من ضيق ينفذن من كل ثقب فُتح ومن ثمَّ هبَّت عنه رياح لحقت بكيان هو نصف الأمة الإسلامية ممن شاؤوا أن يطعنوا الإسلام فصوبوه في عنق وهو المرأة.. فطفقت عن (جهلٍ) كثيرات يطالبن بما ليس في الدين، وبما لا تقره حدوده ولا تسمح به توجيهاته.. ذلك لأنَّ عدم التعامل مع المرأة وفق التشريع وإعادة أمورها جميعها إلى العرف والعادة والتقليد جعل منها أول لقمة سائغة للأفواه الفاغرة لالتهام هذا الكيان الذي كرَّمه الله تعالى ولم يحرمه مؤازرة البناء، ومشاطرة الحياة، ومنحه حرية الإرادة والقرار وقدّر عقله، ورعى ضعفه. فإذا به في مهب يسقط في بركة الماء، ويتعثَّر في عقد خيوط النسيج.
|