تحدثنا في الجزء الأول من هذه المقالة حول ما كُتب عن حال بعض من مدارس مدينة الرياض ( بنين وبنات)، وذلك نقلاً حرفياً عما صدر في صحيفة الرياض عبر عدة تصريحات صحفية، وفي هذا الجزء نقدم التعليق والنقد والمقترح حيال تلك القضية وذلك بما يلي:-
التعليق
لا أدري كما أنه لا يدري على ما يبدو غيري عن الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذه الفوضى التي تحدث لمؤسساتنا التعليمية بسبب وزارة التربية والتعليم، تلك الوزارة التي قدم ويقدم لها الكثير من الدعم المالي والمعنوي، وزارة يُخصص لها أكثر من ثلث ميزانية الدولة، وزارة تحتضن آلاف العاملين من وكلاء وزارة ومعلمين ومعلمات ومشرفين وإداريين وفنيين، وزارة يتبعها أكثر من مئة إدارة ومندوبية تعليمية من بنين وبنات في كافة أنحاء المملكة، وزارة تدعي لنا قبل بداية كل عام دراسي بشهر أو شهرين أنها استكملت كافة الاستعدادات لاستقبال عام دراسي جديد، كما تدعي أن هناك جاهزية كاملة حول حركة تنقل المعلمين والمعلمات، إضافةً إلى توافر الكتب الدراسية وصيانة المباني، وكل هذه الأمور يعلن عنها خلال إجازة الصيف، والمتابع لتصريحات المسؤولين في الوزارة يؤمن أن الأمور سوف تسير على ما يرام عند بدء كل عام دراسي، وأن ما حدث من مشكلات في سنوات ماضية لن يتكرر حدوثه، فأي جهدٍ تدعيه هذه الوزارة، وأي أداءٍ تام ادعت إنجازه، ونحن نلحظ خلاف ما تقوله عند بدء كل عام دراسي، فما هي الأسباب يا ترى، هل هي عدم القدرة على الأداء، أو انعدام في الخبرة الإدارية، كون القيادة تتم بواسطة تربويين وليس من خلال قيادات متخصصة في علم الإدارة، أسئلة نتمنى الإجابة عنها، لتحد من فوضى العمل تجاه براعم وطننا، جيل المستقبل الذي نكدح ونشقى من أجله لخدمة دينه ثم مليكه ووطنه.
النقد
إن معاناة طلاب المدارس ليس وليد اليوم، وليس بسبب ضم رئاسة تعليم البنات إلى وزارة المعارف،
حتى أصبحت هذه الوزارة تشرف على مهام تعليم البنين والبنات معاً، وبالتالي أضحت المسؤولية جسيمة، بالرغم أن هناك قيادة عليا تقود تعليم البنات بدور شبه منفصل عن الوزارة، بل كان هناك العديد من الملاحظات على وزارة المعارف سابقاً، سواء من ناحية قلة في أعداد المدارس أو قلة أعداد الفصول الدراسية التي يصل تعداد الطلاب في الفصل المدرسي الواحد أحياناً إلى خمسين طالباً تقريباً، ومن ناحية أخرى عن حال العديد من المدارس المستأجر منها على الأخص وكذا الحكومي التي لا تعد مؤسسات تعليمية كما رسمت خطط التنمية لها، كما أن البعض من المدارس لا يتوافر فيه حتى الحد الأدنى من الخدمات البشرية كمثل أجهزة تكييف الهواء وأجهزة تبريد مياه الشرب فضلاً عن عدم صلاحية البعض من هذه المياه بسبب سوء النظافة في بعض أو جميع خزانات مياه المدارس، وأخيراً بعد أن أقنعت هذه الوزارة قيادتنا الحكيمة بأنها في جاهزية كبرى للبدء في تدريس اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية للعام الدراسي الحالي، نجد أن العديد من المدارس الآن لا يتوافر بها معلمون أو معلمات لمادة اللغة الإنجليزية، بل وصل الأمر إلى عدم إدراج هذه المادة في الجداول المدرسية لبعض المدارس، وفي الوقت الذي نسمع أن هناك اتفاقاً مع وزارة المالية بإنهاء إشكالية توظيف معلمي اللغة الإنجليزية، ولكننا نسمع ثم نسمع والنهاية لا نجد لا معلم ولا وسائل تعليمية، بل وصل الأمر إلى عدم توافر معلمين لمخرجات تعليمية أخرى وليس لمادة اللغة الإنجليزية فحسب، وذلك على حد قول مدير عام تعليم الرياض، فلماذا هذا العبث العلمي والتربوي؟!
المقترح
المقترح والطرح البناء ليس بالأمر العسير على أي مواطن صالح وغيور، وروح الاهتمام والحرص بأدوار العمل المؤتمن عليها ليس من الصعب الإتيان به، لمن تحمل الأمانة وارتضى حملها والقيام بواجباتها، لأن القضية هي قضية مواطنة من الدرجة الأولى، وهذا يحتم أن تسعى كل جهة إلى تكليف الأشخاص المؤهلين كل في تخصصه للقيام بالعمل المناط به على أكمل وجه ما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلاً، وألا تكلف شخصية متخصصة في العلوم التربوية مثلاً وننتظر منها إنجاح العمل الإداري وهي لا تفقه في علم الإدارة شيئاً، أو لم تمارس أعمالاً إدارية لفترة زمنية حتى تمكنها من تبوؤ منصب قيادي، وعلى أية حالٍ لعلنا نقترح بعضاً من النقاط التي نرى أهميتها وعلها تدعم الوزارة خدمة لوطننا الغالي على الأقل في هذه المرحلة:-
1- يقترح الإسراع في التعاقد مع خريجي دبلوم اللغة الإنجليزية سواء من خريجي معهد الإدارة العامة أو المعاهد الأهلية الموثوق بها في تأهيل معلمي مادة اللغة الإنجليزية للبنين والبنات، وعدم التباطؤ أو التقاعس في هذا الأمر لأهميته ووطنيته في نفس الوقت وذلك لحاجة الغالبية العظمى من المدارس في المملكة لمعلمي هذه المادة.
2- تخفيف الأداء البيروقراطي الذي تنتهجه وزارة التربية والتعليم عند إستئجار مبانٍ مدرسية لها، الذي يتمثل ذلك في كثرة الطلبات وعقد العديد من الاجتماعات للجان الفنية حول مدى صلاحية هذا المبنى أو ذاك من عدمه، والبطء في عملية الاستلام والتسليم المعمول بها الآن، والتي تأخذ أكثر من نصف عام وأحياناً عاماً كاملاً للتأكد من قبول هذه المدرسة أو تلك.
3- الإسراع في صيانة وترميم المباني التي تحتاج إلى ذلك، وأن يُخصص مبلغ مالي مجزٍ لإنهاء المعاناة القائمة حالياً لدى العديد من المدارس.
4- تفعيل دور وكالتي الوزارة لشؤون المباني والتجهيزات تلك الخاصة بتعليم البنين والأخرى بتعليم البنات، بالقيام بمهام أقوى أداءً في سبيل النهوض بمقار كافة مؤسسات التعليم العام في البلاد، وأن تُعاد هيكلة هاتين الوكالتين، وأن تتحمل كل منها مسؤوليات أكبر نحو إيجاد وتوافر بيئات تعليمية تُشرف المكانة العلمية والثقافية لبلادنا، سواء عند بناء مدارس حديثة أو عند صيانة وترميم القديم منها أو حال استئجار مبانٍ من ملاكها، وأن تتم محاسبتهما عما يحدث من سوء في تنفيذ المباني أو عدم الاهتمام بالصيانة والنظافة المدرسية بشكل دوري، كما من المفترض أن يكون لهما دور رقابي وإشرافي مستمر على مدار العام لمعرفة احتياجات كل مدرسة على حدة، دون أن ينتظروا المسؤولين فيها حدثاً مؤلماً عند سقوط مبنى مدرسي أو حدوث مخاطر كهربائية لا قدر الله.
*الباحث في شؤون الموارد البشرية
FAXN02697771@YAHOO.COM |