Monday 25th October,200411715العددالأثنين 11 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
تجربة الانتخابات البلدية.. رؤية وسطية
عبدالرحمن بن محمد السدحان

* كرمتني (إثنينية الصالح) بالدعوة لحضور باكورة لقاءاتها الدورية مساء الاثنين الماضي الموافق 4-9-1425هـ، بعد انقطاع دام نحو عام كامل بسبب وعكةٍ صحية ألمت بمؤسِّسها وراعيها، المربي الفاضل الشيخ عثمان بن ناصر الصالح، وقد منَّ الله عليه بالشفاء ليعود من خلالها إلى واجهة الحدث الثقافي، ويلتقي محبيه ومريديه، وكان استئناف (الاثنينية) فرصةً ثمينةً للجميع للقاء الشيخ الصالح، وبروَّاد (إثْنينيته) الكرام من وجوه المجتمع.
* * *
* كان ضيف ذلك اللقاء صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز، رئيس اللجنة العامة للانتخابات البلدية، الذي قَدّم عرضاً جميلاً لجهود اللجنة المشار إليها ضمن أعمال التحضير للانتخابات البلدية القادمة، وقد تداخلت مع موضوع اللقاء بكلمةٍ قصيرة، افتطف منها بعض ما جاء فيها، مع شيء من التصرّف، حيث قلت:
* حسنا فعلتْ (اثنينيّة الصالح) باختيار موضوع الانتخابات البلدية عنواناً تستأنف به فعالياتها بعد أن استعادتْ إشراقتها بعودة مؤسِّسها سالماً، فتسْتضيف لهذا الغرض الصديق الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وهو المعروف بأكاديميته الرصينة، وخُلقِه النبيل، وخير من يتحدث عن هذا الموضوع حديث العليم به، في ضوء تجربة العمل المباشر مع فِرق العمل المعنّية بالانتخابات البلدية القادمة.
* * *
* ثم أردفت قائلاً:
* بدْءاً، لابدَّ من التسليم بأن قرار مجلس الوزراء الموقّر القاضي بتفعيل مبدأ الانتخاب للمجالس البلدية، باختيار نصف أعضائها انتخاباً يمثِّل بدايةً حسنةً على صراط المشاركة الشعبية في صنع القرار التنموي الذي التزَمتْ به مبدأ ومضموناً حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو وليّ عهده الأمين وسمو نائبهما الثاني، أيدّهم الله جميعاً، وقد جاء ضمْن خط الإصلاح لمنظومة الحكم والإدارة في بلادنا للارتقاء بالشَّأن العام للوطن والمواطنين.
* * *
* من جهةٍ أخرى، لابدّ أنّ المتابعين لهذا الموضوع قد قرأوا أو سمعوا نماذج من ملاحِم الجدل بين بعض رموز النخُّب الدينية والثقافية والاجتماعية في بلادنا حول خيار الانتخاب بوجْه عام، منهم المتفائلون به طمعاً في تأصيل ممارسته، ومنهم المشكِّكُون فيه خوفاً من بعض تداعياته.
* المتفائلون من جهة يرون أن بلادنا قد أدْركتْ حظّاً من التعليم ومن النضُّج الحضاري والاقتصادي والثقافي بقدر يمكنُ أبناءها من خوض هذه التجربة، وقطف ثمارها، مع احتمال نشوء أخْطاء قابلةٍ للتقويم والتصحيح، ويستشهد أهل هذا الموقف بتجارب مجتمعاتٍ مجاورةٍ وغير مجاورة كانت أقلَّ منا حظاً في رفاهيّة العيش ويُسْر التعليم، ورغم ذلك، ما برحتْ تلك المجتمعات تمارسُ التجربة الانتخابية بنجاح نسْبي، حتى لو تخلّلتْها بعضُ الشِّوائب، ويُضيفون:إنّ تردّدنا في تطبيق التجربة الانتخابية قد يؤثر سلباً على مسيرة الإصلاح في بلادنا، وتطلعُّات الناس للمشاركة في صناعة القرار التنمويّ الذي يمسُّ شؤون حياتهم حاضراً ومستقبلا.
* * *
* أما المتحفظون على تجربة الاقتراع فيرون أنّها تتطلب تأهيلاً متعدّد الجوانب كي تُؤتي نتائج إيجابيةً، لمصلحة الوطن والمواطن، ويصُّرون على وجود سقفٍ أعلى من الحرية مقروناً بما يعرف ب(ثقافة الاختلاف)، يتعايش من خلالها المقترعون مع الرأي الآخر بذكاءٍ وشفافيةٍ واحترامٍ، وبدون هذه الثقافة، ستتحوّلُ التجربة الانتخابية إلى ملحمةٍ من الهَزَل في أكثر من اتجاه!
* ثم لخصتُ موقفي من شقِّي الجدل سالف الذكر بالقول إنني لستُ متشائماً كل التشاؤم بمبدأ الانتخاب، ولستُ متفائلاً كلِّ التفاؤل بممارسته، بل أرى قدراً من الحقّ في بعض ما قيل عنه سلباً وإيجاباً، لكن هذا لن يرْعني من القول بأنَّ من الملائم أن نبدأ المشوار الطويل نحو صندوق الاقتراع ولو بخطوةٍ واحدة، وأن نكون في الوقت نفسه حذرين كلَّ الحذر من الانغلاق ضدّ هذا المبدأ أو الانفلاتِ في المطالبة به بحسِّ مطلقٍ لمصلحة أيِّ من الاتجاهين، فنسي إلى جيلنا القائم والقادم!
* * *
* من جهة أخرى، أرى أنّه لا بدَّ من استثمار الوقت والجهد والمعرفة المقارنة تحضيراً لخوض الانتخابات البلدية القادمة، وذلك بوضع ضوابط دقيقة تقنّنُ العملية الانتخابية، خاصةً ما يتعلّقُ بالسنِّ ومستوى التعليم والتجربة العملية وكفاءة الأداء ونزاهة الذَّات، بحيث نضمن حدا معقولا من المشركة الموضوعية والعقلانية الفاعلة في هذا السبيل، مذكِّراً، في الوقت نفسه، بأنَّ رحلة الألف ميل تبدأ بخطوةٍ واحدة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved