الصنبور يقطر الماء... دوائر الماء تكبر شيئاً فشيئاً... ثمة يدٌ وسَّعت دوران الحلقة... فزاد تدفق الماء من الصَّنبور..
الماء في دوائر تكاثف...
اتسعت مساحة امتداده... جرَّ، وضمَّ، ولمَّ كلَّ الشوائب التي في حيّزه... والخارجة الدَّاخلة في نطاقه...
الماء تحوَّل إلى كمية... شحب لونه... اختلط حدَّ قاعه بما فيه الصَّنبور كأنَّه فوّهة نبع كبيرة...
الماء التهم الصغيرة والكبيرة...
والمتفرِّجون يقفون من حوله يلقون بأيِّ شيء يزيد في تحريكه، وتلويثه..., وشحوبه، بل ظُلْمته...
بعضٌ مدَّ يده يعبث...
وبعضٌ مدَّ قدميه يحرِّك...
وبعضٌ ألقى بهيكله قضَّاً وقضيضاً وغاص فيه... وبعضٌ وقف يتفرَّج...
خليطٌ...
(بركة) ماء داكن مشوبٌ مختلط...
ولا يزال يستمد إمداداً من فوَّهة الصنبور التي ازدادت دائرة حلقتها اتساعاً...
تلك حال المسألة (النِّسائية) أو (النَّسوية) كما يحلو لفئة، أو هو شأن المرأة القضية عالية الصوت، حادَّة الحضور، متدفِّقة الاندفاعة، معلنة السُّفور، المتحركة مع (مَسيرات) الأحداث، ووقائع (المواقف) التي حركتها وقائع الحركة المتراكضة في الساحة (السياسية) على وجه الدِّقة والتَّحديد...
إذ (المرأة) بكلِّ ثقلها وقيمتها في التكوين الأسري والمجتمعي الإسلامي تمثل (العنق) الذي إن صُوِّبت إليه السهام، أصابت كبد هذا الثقل وهذه القيمة ولحقها ما يراد به المسلمون من الإضعاف والهون،...
فماذا يكون حال (المرأة) ذات المواقف المحيِّرة، المتداخلة، المتشعِّبة، المقلقة، غير الواضحة، المتداخلة، المختلطة في خيوط نسيج (أمرها) وهي - كما يؤكد المشهد العام - غارقة في (بركة) الماء المشوب، الملوث من جهة، وهي أيضاً حبيسة تكتُّل عُقَد الخيوط في نسيج أمرها؟
ويبدو أنَّ (المرأة) ذاتها الفاعل الرئيس في تشتيت مسار مسألتها، ويؤكِّد ذلك أوجه التفاوت في مواقف النساء من أمرهن؛ فإمَّا هي غارقة في مائها الوحل، وإمَّا متعثِّرة في عقدة خيوط النسيج، وإمَّا متفرجة، وإمَّا تداعب بيدها الماء، أو تعبث بهما في خيوط النسيج...
|