كثرة المجمعات التجارية هل نحن بحاجة إلها؟
سلطان بن محمد المالك (*)

قبل فترة قصيرة زارني أحد الأصدقاء من دولة أجنبية، وحل ضيفاً عندي، اصطحبته إلى أكثر من وجهة في عاصمتنا الحبيبة الرياض، وحرصت كل الحرص على أن أرافقه في زيارة أهم معالم المدينة، سُرَّ ضيفي كثيراً بما شاهد من تطور وتقدم في شتى المجالات، وفي بعض الحالات أصيب بنوع من الذهول والاستغراب مما شاهد ولم يُخف ذلك عندما ذكر لي بأن بعض ما شاهده غير موجود في بلادهم الغربية.
أثناء تجوالنا في المدينة سألني ضيفي سؤالاً لم أستطع أن أقدم له في وقتها إجابة كافية، وحاولت أن أتهرب من الإجابة لكي أستجمع معلوماتي قبل الرد عليه، وسؤاله لي هو: لقد لاحظت أن لديكم مجمعات تجارية راقية جداً وكثيرة جداً إضافة الى الاسواق الشعبية داخل الأحياء، هل بالفعل هناك طلب على هذه الأسواق وهل هذه الأسواق جميعا ناجحة آخذين في الاعتبار تكاليف انشائها وتجهيزها والمبالغ التي تصرف على صيانتها؟
لم أجبه مباشرة وأخبرته بأن الرياض العاصمة تنمو حالياً بشكل أفقي وتتوسع عمرانيا يوما بعد يوم؛ مما يحتم توافر عدد من المجمعات التجارية لخدمة كل حي على حدة، أخبرته كذلك بأن مدينة الرياض تشهد نزوحاً كبيراً للعديد من السكان من خارج المدينة والذين يأتون للعيش فيها إما للعمل أو للدراسة وبالتالي فهي تنمو نمواً سكانياً وعمرانياً بشكلٍ لافتٍ، وذكرت له أن نسبة النمو السكاني في مدينة الرياض تقدر بحوالي 8% وبينت له بعض المبررات والتي أرى أنها لم تقنعه بالكامل، غادر صاحبي من حيث أتى ولا أعلم إن كُنت قد أجبته على سؤاله!!!
عُدت بعد ذلك لأسأل نفسي نفس سؤال صاحبي، فوجدت أنه محقاً تماماً بما قال، أيعقل أن يكون لدينا في مدينة الرياض وغيرها من المدن السعودية هذا الكم الهائل من المجمعات التجارية، ففي منطقة العليا في مدينة الرياض وحدها يتواجد أكثر من 25 مجمعاً تجارياً، كيف يحدث هذا؟ هل يتم منح تراخيص المجمعات التجارية بناء على دراسات جدوى اقتصادية؟ وهل هي بالفعل مجدية اقتصادياً للمستثمرين بها؟ هل لدينا نظام واضح لمنح التراخيص لانشاء المجمعات التجارية؟ أنا شخصياً لا أعلم وأتمنى بأن أحصل على اجابة لذلك!!!
أُصاب بحيْرة واستغراب بسبب إغلاق بعض المجمعات التجارية الجديدة بعد فترة وجيزة من إنشائها، أو تحويلها إلى مبان أخرى لمزاولة أنشطة أخرى، وقد يكون السبب عائداً إلى عدم إقبال التجار على استئجار محلاتها، هذه والله كارثة وخسائر بالإمكان تلافي حدوثها، فمجالات الاستثمار عديدة ومفتوحة وبلادنا، - ولله الحمد- بخير وتشهد حاليا انتعاشا اقتصادياً كبيراً، والمهم هو ضرورة توجيه الاستثمارات في المجالات المجدية اقتصاديا بدلاً من محاكاة الآخرين.