* كتب إلي الشاب (عبد الله بن عبد العزيز) قائلاً:
* تخرجت في المرحلة الثانوية، ثم التحقت بالجامعة، ولظروف قاهرة، لم أكمل الدراسة فيها، لكني وجدتها فرصة سانحة في (معهد دبلوم أكاديمية الفيصل العالمية للغات)، قسم اللغة الإنجليزية، فقد أعلنت الأكاديمية عن دبلوم تأهيل كوادر لتدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، مقابل مبلغ (6250 ريالاً) للفصل الدراسي الواحد.
* فرحت كثيراً لقدوم هذه الفرصة الجميلة، وتسابقت مع زملاء كثر؛ للتسجيل والدراسة، وقام كثير منا - وأنا من هؤلاء - بالاستدانة، وكتبنا شيكات لدفع هذه الرسوم؛ وكنت أحلم بوظيفة وعمل، فأتزوج؛ وأعيش حياة هانئة؛ وسط أسرة سعيدة مثل بقية الناس.
* الأمر الذي شجعنا على الالتحاق بهذه الأكاديمية، وأن نتحمل الديون وعناء الدراسة، أن جامعة (الإمام محمد بن سعود الإسلامية)؛ هي الجهة (الرسمية) المشرفة على البرنامج، والمتابعة للدراسة، والمراقبة لنا؛ بعد أن بلغ عددنا (1800 طالب)، فقد أحسسنا أننا في أمان، كوننا تحت مظلة جامعة معروفة مرموقة، ومعترف بها، وهي كما نعلم، كانت شريكة في البرنامج، ولها نصيبها المادي من الدخل، مقابل الإشراف.
* لا أخفيك.. كنا على يقين تام؛ أن وظائفنا مضمونة؛ خاصة وأن تأهلنا لا غبار عليه؛ بشهادة جامعة عملاقة، وكانت التطمينات والوعود؛ تنهال علينا من كافة المسؤولين في الأكاديمية، فالدبلوم الذي نكد للحصول عليه، معترف به رسمياً، وسوف نُستقبل - دون شك - من قبل وزارتي التربية والتعليم والخدمة المدنية؛ بالأحضان..!
* بعد التخرج، حملنا شهاداتنا الفريدة؛ تزفنا وتزفها؛ فرحتنا الكبرى بهذا الإنجاز الحلم؛ كانت وجهتنا الأولى؛ هي الجهة التي شرعت في تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية؛ (وزارة التربية والتعليم)، ولكن ما لبثت الفرحة العارمة أن تلاشت، ثم فقنا على خيبة أمل مريرة، من حصاد مر على ما يبدو؛ فهذه شهاداتنا اليوم؛ لا نرى فيها غير الحيرة والندم؛ ثم ليس أمامنا بعد ذلك؛ غير الفرجة على ما يجري حولنا في حسرة؟!
* ها هي وزارة التربية والتعليم؛ تتجاهلنا تماماً؛ بل وترفض النظر في طلباتنا وتوسلاتنا؛ التي وقفنا بها على (باب الوزير)..؟!
* ثم ها هي وزارة التربية والتعليم؛ تقدم مرتباً شهرياً قدره (3500)؛ لمعلمي لغة إنجليزية خلافنا؛ تتعاقد معهم الوزارة من خارج البلاد، ونحن (1800 شاب) تأهيل تدريس لغة إنجليزية من أبناء الوطن، مؤهلين لهذا العمل بإدارة وإشراف؛ جامعة عريقة مشهورة؛ هي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فلا يُنظر لنا، ولا يُسمع لصوتنا..؟!! أي خيبة هذه، التي حلت بنا يا ترى..؟!
* أين ذهبت وعود الوزارة المحترمة باعتماد شهاداتنا..؟!
وأين أصبحت جهود جامعة الإمام؛ في التخطيط والإدارة والإشراف..؟! وما فعل الله بمئات من أبناء الوطن؛ يحملون مؤهلات تدريس لغة إنجليزية؛ مع وقف التنفيذ..؟!
* لقد أضعنا الوقت الكثير في الدراسة، وأنفقنا الأموال الطائلة من أجلها، بل وتحمل بعضنا الديون على أمل التسديد بعد التوظيف؛ فمن المسؤول عن ذلك..؟! أهي أكاديمة الفيصل..؟ أم جامعة الإمام..؟ أم وزارة التربية والتعليم..؟ أم وزارة الخدمة المدنية..؟ أم نحن الذين صدقنا الوعود، ووثقنا في جهات رسمية لم تحرك ساكناً، وهي ترانا نواجه أزمة حادة؛ كانت هي من أهم أسبابها..؟!
* ونحن أبناءكم وإخوانكم.. نشعر حقيقة بغبن شديد، وأنه ربما غرر بنا؛ نعاني من فراغ قاتل، وتحيط بنا ظُلم الديون.. فماذا نفعل؟!
* انتهى كلام الشاب (عبد الله بن عبد العزيز)؛ بسؤال مهم: (ماذا نفعل)؟! أعتقد أنه يحمل في طياته بعض مفاتيح الحل.. كيف..؟
* هناك جهة أو أكثر استفادت مالياً من مئات الشباب؛ (أكاديمية الفيصل، وجامعة الإمام) تحديداً، وهما بكل تأكيد، لم تقرا دبلوماً دراسياً هكذا؛ بدون تخطيط ودراسة وإذن رسمي؛ ثم ضوابط تحمي الدارسين بعد التخرج.. ولهذا.. فمن المهم اليوم؛ الانطلاق في علاج مشكلة كهذه؛ من جهة أخرى منوط بها تشغيل السعوديين، وتوفير الفرص الوظيفية لهم، بل و(سعودة الوظائف)؛ وهي وزارة العمل. فهي وحدها التي تستطيع التدخل بقوة النظام؛ لحماية الشباب المتضررين؛ فإما توفير العمل الكريم لهم في الحقل المناسب لتخصصاتهم؛ وهذا يعني أنهم مؤهلون بصورة صحيحة لا غبار عليها، أو العكس؛ وهنا يتوجب تكليف الأكاديمية وجامعة الإمام؛ بإعادة الحقوق المالية لأصحابها؛ ودفع تعويضات مقابل دبلوم لا يسمن ولا يغني من جوع.
* أنا لا أدري لماذا لم يتوجه هؤلاء الشباب حتى اليوم؛ إلى وزارة العمل مباشرة..؟ ولماذا لا يتظلمون عند ديوان المظالم؛ أو يلجأون إلى مكتب محاماة ليترافع عنهم..؟
* هناك أمر تُلام عليه وزارة التربية والتعليم في ظني، وهو أنها لم توضح بالتفصيل: لماذا ترفض توظيف شباب سعوديين مؤهلين من جهة أو جهات معروفة؛ كانت تشرف عليهم جهة رسمية لا غبار عليها..؟!
* وإذا كانت وزارة التربية والتعليم؛ تشك في أهلية هؤلاء الشباب المتقدمين لوظائف لديها؛ أعطتها لغيرهم من غير السعوديين كما يقال؛ فلماذا لا تجري هي والجهات المعنية؛ عملية تقييم علمية، بالتنسيق مع جامعة الإمام ووزارة الخدمة المدنية..؟! خاصة وأن مقرر اللغة الإنجليزية للصف السادس الابتدائي؛ لا يحتاج إلى عبقرية أو شهادة عليا، فهو مقرر في حروف ومبادئ هذه اللغة لا غير.
* هذا أمر محير حقاً؛ ومثله التعاقد مع معلمات من خارج الوطن لمواد نظرية، بينما هناك عشرات الآلاف من بناتنا بشهادات جامعية؛ ينتظرن مثل هذه الفرص..؟!
* لقد قرأت في سياق هذه القضية المهمة؛ ما يفيد؛ أن وزارة الخدمة المدنية؛ كانت قد وافقت على تصنيف دبلوم اللغة الإنجليزية؛ المنفذ في أكاديمية الفيصل العالمية؛ بالمشاركة مع جامعة الإمام..! وأن جامعة الإمام محمد بن سعود؛ كانت قد أعلنت عند ترويجها للدبلوم إياه؛ أن (دبلوم اللغة الإنجليزية، ودبلوم الترجمة، ودبلوم إدارة الأعمال)؛ كلها برامج معتمدة ومصنفة من قبل وزارة الخدمة المدنية؛ وخريجوها يوظفون على المرتبة السادسة..!!
* إذن ما دام الأمر كذلك؛ فما الذي حدث بعد التخرج..؟ هل عادت وزارة الخدمة المدنية؛ فتراجعت عن اعتمادها وتصنيفها لهذه البرامج التأهيلية الثلاثة..؟! وإذا كان الأمر غير ذلك؛ وهي لم تعلن التراجع ولم تدعم موقفها السابق؛ فلماذا إذن تقف متفرجة على أزمة لا تقتصر على مئات من الشباب المتخرجين في أعيانهم؛ بل تمتد إلى أسرهم وأحلامهم؛ ومستقبلهم المهدد بالضياع..؟!!
* أعتقد أن وزارة الخدمة المدنية تحديداً؛ مسؤولة في هذه اللحظة عن هذه المشكلة؛ ولكي تثبت مصداقيتها، وتحمي قراراتها وأنظمتها المدنية؛ فعليها التدخل فوراً لصالح هؤلاء الشباب من أبناء الوطن.
* وأعتقد كذلك؛ أن وزارة العمل؛ معنية في هذه القضية أكثر من غيرها؛ فهي أمام مئات من السعوديين المؤهلين في تخصص نادر؛ بدليل التعاقد مع غير سعوديين لشغل وظائفه الشاغرة في المدارس، وعليها إزاء ذلك؛ تطبيق برنامجها الوطني في (السعودة)؛ فتسعى فوراً لإحلال هؤلاء بدلاء لغير السعوديين في المدارس الابتدائية، أو إدراجهم في سوق العمل الخاص بأقصى سرعة.
* وأعتقد كذلك؛ أن وزارة التربية والتعليم؛ معنية باستيعاب هذه الأعداد من السعوديين قبل غيرهم من غير السعوديين، وأن لا تجعل شهادة (البكالوريوس)..! عقبة في طريق توظيف السعوديين المؤهلين علمياً؛ لتخصصات لا تتطلب أعلى من الدبلوم.
* وليت (جامعة الإمام، وأكاديمية الفيصل)؛ إذا هما أرادتا الحفاظ على سمعتهما في مجال التدريب والتأهيل، أن تسارعا إلى التدخل لدى الجهات الأخرى المعنية بالتوظيف؛ للتذكير بما مضى من تصريحات (اعْتمَد وصَنَّف).. أو تعيد لهؤلاء المتضررين؛ ما قبضتاه من أموال؛ وما أخذتاه من أشهر وسنين، مع تعويض مجزٍ؛ مقابل أحلام شبابية وردية؛ أصبحت اليوم في مهب الريح..!
فاكس: 027361552
|