رجال الجمارك جنود مجهولون، فهم خط الدفاع الأول من الأوطان، يرابطون على منافذ أوطانهم البرية والبحرية والجوية، هم الأمناء على أنظمة الوطن وثوابته وقوانينه، يقفون حائلاً دون دخول كل ممنوع، أو محرَّم، أو خطر على الدولة أو المواطنين، وهم الذين لا تغفل أعينهم، يسهرون على ضبط هذه المنافذ، مثلهم مثل حراس الحدود، ورجال الأمن في أنحاء الوطن، يتعرضون لمثل ما يتعرض له هؤلاء من مخاطر في كل لحظة عمل.ورجال الجمارك على كافة منافذ المملكة مستنفرون الآن أكثر من أي وقت مضى في تاريخهم، يشاركون إخوانهم رجال الأمن في حراسة أمن البلاد من عدو ماكر يحاول النفاذ إلينا والإضرار بوطننا، أوالمساس بأمننا عبر كل الطرق وبكل الوسائل، بتهريب ما هو مضرُّ بنا إن استطاع إلى ذلك سبيلا.
رجال الجمارك يتصدون الآن لعصابات المخدرات، وللإرهابيين الذين يهرِّبون الأسلحة، وللمتسللين بكافة أنواعهم وأهدافهم وأجناسهم.. ورجال الجمارك - في وطننا - يتعرضون للإغراءات المادية الكبيرة في سبيل التفريط في أمانتهم فيرفضون؛ فلا يبيعون وطنهم وأمنه وقوانينه وأنظمته بثمن بخس، لأن ذلك خطر يضر بكيان الدولة، وأمن المواطنين، وحياة كافة الناس.
وقد يتعرض رجال الجمارك مثل رجال الأمن تماما إذا أصر على أداء واجبه وحمل أمانته للموت، فيموت مضحياً بشخصه فداء لأرواح الكثيرين، وقد يموت بعضهم في الطريق لأداء واجبه ضحية لحادث سير في المسافات الطويلة والمواضع النائية، فذلك شهيد - بإذن الله - لأنه مات في طريقه لأداء الواجب وفي ساعة حرص على الوصول إلى موقعه في موعده. كثيرة هذه الحوادث، وكثيرة هي تلك الحوادث التي يتعرض فيها رجال الجمارك للقتل العمد، وأكثر من هذه وتلك.. المواقف اليومية التي يتعرضون فيها لإغراء شراء الذمم فيضربون المثل الأعلى في الأمانة والوطنية والولاء اقتداء بولاة أمرهم.
وفي ظل العداء الذي يلاحقنا في الخارج، والفئة الضالة التي تكيد لنا في الداخل أصبحت مسؤولية الأمن في عاتق كل مواطن وكل مقيم في هذا الوطن.. الكل مسؤول في موقع مسؤول، ومثلما قال سمو وزير الداخلية فكل مواطن هو رجل أمن، لهذا يقف رجال الجمارك في جانب المواطنين الذين يؤدون دوراً أمنياً يستحق الإشادة، ويقدمون تضحيات تستحق التقدير.
وليس بغريب على ولاة الأمر في هذه الدولة الذين يقولون لمن أحسن: (أحسنت) أن يلتفتوا إلى تكريم رجال الجمارك أسوة بإخوانهم رجال الأمن تكريماً يقوي من عزيمتهم، ويزيد من حرصهم وولائهم، ويشعرهم بالتقدير فهم يقفون مع كافة القطاعات العسكرية في خندق واحد. ليس بغريب أن تلتفت الدولة لتكريم هؤلاء الجنود المجهولين، فهذا الشعب ملتف حول هذه الدولة بتاريخ من الولاء، وكانت هذه الدولة بقيادة مليكنا وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني والحكومة الرشيدة - وماتزال - لهذا الشعب معيناً لا ينضب من الوفاء.
|