تحقق المرأة حضورا متفوقا في مجلات الديكورات والتصاميم الداخلية. يمكن إعطاء هذا الحضور تفسيرات متعددة حسب الميول والأهواء. فالمحافظ يستطيع أن يقول إن المرأة مكانها البيت لذا برعت في التصاميم الداخلية. والليبرالي سيقول عكس ذلك ويعيد الأمر إلى إتاحة الفرصة للمرأة للعمل. أستطيع أن أعدد عشرات الأسباب ونقيضاتها. هذه مجرد معلومة حصلت عليها عندما وجدت نفسي في يوم من الأيام في حاجة إلى مبادئ تصميم ديكور لتصميم منزلي. اشتريت معظم المجلات المتخصصة في هذا الموضوع وقلبتها ويا ليتني ما قلبتها. اكتشفت أن كلمة ديكور لا تنطبق على بيوت الفقراء والطبقة الوسطى.
مرة أعجبني تصميم بسيط وهادئ لصالة طعام مع السفرة. راسلت الشركة وطلبت تسعيرة الطاولة واصلة إلى الرياض. لكي أسدد قيمتها وقيمة الديكورات الملحقة والأرضيات وخلافه على أن أبيع بيتي وبيوت جيراني. لم أتصور أن هناك كرسي طاولة طعام يمكن أن يكلف أكثر من سبعة آلاف دولار. أقعد على كرسي بسبعة آلاف دولار؟ بعد أن هدأت أعصابي وعدت إلى الواقع الذي أنتمي إليه سألت نفسي من هم هؤلاء الذي يجرؤون على شراء كرسي بسبعة آلاف دولار.
من هو هذا الشخص الذي تسمح نفسه بدفع سبعة آلاف دولار حق كرسي. من هذه الحادثة الصغيرة لم أعد أكذب الشائعات. بدأت أصدق أن هذا القصر كلف ثلاثة مليارات وهذا اليخت كلف مليارين. الفرق بين إنسان الطبقة الوسطى والطبقة الغنية أن رجل الطبقة المتوسطة يعتبر بيته أو فلته هي كل ما يملك. بينما الرجل الثري لا يشكل بيته نسبة إلى ما يملك أكثر من 1% بل أقل بكثير. بناءً على هذه الحالة يعتبر الرجل المتوسط الحال هو المبذر لا الغني. لأنه وضع كل حلاله في مكان واحد وقعد عليه. طبعا هذا الكلام من باب المماحكة لأن وظيفة المال سد احتياجات الإنسان. تحسن دخلك من أجل أن تحسن من وضعك وأسلوب عيشك. فمالك لك وليس للبنوك أو لغيرها. بعد أن تضع احتياطات المستقبل والطوارئ عليك أن تتصرف بمالك بأسرع وقت. عليك أن تعيش مالك وحلالك.
لا أحد يعلم متى سيحل اليوم الأخير. لكن أهم شيء ألا تقترض من ورثتك. ما تموت وتخلي عيالك يسددون مصاريف رفاهيتك. أعتقد أن مسألة التبذير والبذخ مثل البخل. جزء ثقافي وجزء بيولوجي مع أني أتحفظ على الجانب البيولوجي.
تشاهدون هذه الأيام عدداً وافراً من السيارات الفارهة تجوب مدينة الرياض. أكثر مما كان أيام الطفرة. يظن المرء، كما ظننت في يوم من الأيام، أن الطبقة الغنية تتوسع وتكبر كما تتوسع الطبقة الفقيرة بالمقابل. كنت أفسر التوسع في الطبقتين بأنه يأتي من تقلص الطبقة الوسطى. يعني المجتمع سوف ينقسم إلى فقراء وأغنياء دون وجود لطبقة وسطى. فسر لي صديق أن المسألة ليست هكذا. ما يحدث هو هبوط الطبقة الوسطى نحو الطبقة الفقيرة دون أن تكون هناك بوابة للصعود. والدليل أن أصحاب الشهادات وطبقة الضباط والمدراء وغيرهم من أصحاب المهن الراقية أصبحوا أقرب إلى الطبقة الفقيرة. يزحفون يوميا نحو الفقر بحكم توسع عائلاتهم وثبات دخولهم ودخول بضائع وخدمات جديدة لا يمكن الاستغناء عنها مما يوسع من مصاريفهم. أما هؤلاء الذين يجوبون المدينة بسياراتهم الفارهة فحالهم أسوأ. هؤلاء من الطبقة الفقيرة الذين تخالجهم أحلام كارثية. وقعوا في فخ شركات التقسيط. يرحل فقره إلى المستقبل لمجرد أن يرى نفسه يتجول وسط أحلامه.
يجمع له ثلاثين ألفاً أو يتسلفها ويضعها مقدمة في فياجرا أو لكزس ثم يبدأ رحلة التسديد. وعندما تتقادم السيارة يبيعها ثم يضع ثمنها مقدمة في سيارة جديدة وهكذا حتى يغرق نهائيا. بصفتنا شعب أسري، الرجل هو المسؤول عن مصاريف العائلة. والمرأة محدودة فرص العمل، عندما يغرق هؤلاء تغرق معهم أسر كاملة. وكل عام وأنتم بخير
فاكس - 4702164
|