Saturday 23rd October,200411713العددالسبت 9 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الإصدار الدولى"

المستثمرون ومخاطر الأسواق المالية المستثمرون ومخاطر الأسواق المالية

الكتاب: The(Mis) behavior of Markets:
Fractal View of Risk, Ruin, and Reward A
المؤلفان:
Hudson .L Richard Benoit B. Mandelbrot and
الناشر: Books Basic
قد لا يجد قارئ هذا الكتاب (تذبذب الأسواق) نفسه مندهشًا إذا ما سأل نفسه هذا السؤال: (عندما يتعلق الأمر بالمخاطرة المالية، فهل يمكن لأحد في بورصة وول ستريت أن يتنبأ بما يحدث أو حتى يدرك ماذا يتحدث عنه؟) وسوف تأتي الإجابة مرضية إلى حد ما، فبالرغم من عقود عديدة من الأبحاث لم يستطع أحد تطوير نظرية جديدة توضح ما هي مخاطر الأسواق المالية، بل الأسوأ من ذلك هو أن العديد من المستثمرين يقللون من أهمية تلك المخاطر، كما يقول مؤلفا هذا الكتاب، عالم الرياضيات بينوت مانديلبروت وزميله ريتشارد هدسون الصحفي المتخصص في الشؤون المالية.
وطبقاً لنظريتهما التحليلية الفاحصة، فإن كل تلك النماذج التقليدية لتقليل مخاطر الاستثمار - مثل (الشراء على المدى الطويل)، و(إعادة تخصيص الأصول المالية) - فجأة بدت هشة وغير قابلة للتطبيق، والسبب كما يقول مانديلبروت هو أن النماذج الاقتصادية التي كانت مقبولة بالأمس باتت خاطئة.
ويضرب مثلاً بالنظرية العصرية للسندات التجارية، والتي تتعامل مع تحركات السعر مثلما تتعامل النظريات المتعلقة بالإحصاءات السكانية، وأن معظم السكان البالغين يشتركون في متوسط ما، فمثلاً هؤلاء الذين يصل طولهم إلى أكثر من 7 أقدام أو أقصر من 4 أقدام عدد قليل من الغاية ومن ثم لا يمكنهم تغيير هذا المتوسط بصورة كبيرة، كما أنه لا يوجد عمالقة طولهم 12 قدماً أو أقزام يقل طولهم عن 6 بوصات ليقلبوا هذا المتوسط رأساً على عقب. وفي عالم الأسواق يطبقون مثل تلك القوانين، فهم يعتبرون أن معظم تحركات الأسعار اليومية معتدلة في غالبها، والتقلبات القليلة لن تغير هذا المتوسط، كما أن الارتفاع الحاد أو الهبوط الحاد تقريباً من المستحيل حدوثه.
ويشير مانديلبروت إلى أن المشكلة هي أن أولئك العمالقة وهؤلاء الأقزام يجولون بالأسواق بصورة أكثر تردداً مما تفترضه النظرية، فعلى سبيل المثال في الفترة ما بين عامي 1916 و2003، وطبقا للنموذج الرياضي التقليدي، فكان يجب أن يتحرك مؤشر داو جونز الصناعي 58 مرة فقط لأكثر من 3.4% في يوم واحد، ولكن ما حدث في الواقع أن هذا التغير حدث 1001 مرة في تلك الأيام التي شهدت تقلبات حادة، ومن الناحية النظرية فإن التأرجح في الأسعار في يوم واحد لأكثر من 7% ينبغي ألا يحدث سوى مرة واحدة كل 300 ألف عام، ولكن المدهش هو أنه في السبعة والثمانين عاما الأخيرة شهد مستثمرو البورصة الأمريكية 48 تغيراً مثل ذلك. كما انتقلت تلك التناقضات إلى أسواق أخرى، ففي سوق العملات تغير سعر الدولار الأمريكي أمام الين الياباني بمقدار 7.9% في يوم واحد فقط، في حين أن النظرية تقول إن هذا التغير لا يمكن حدوثه مطلقا، حتى لو كان الناس يتبادلون العملات منذ نشأة الكون وبصورة يومية منذ 15 مليار عام.
وربما لن تدهش هذه النتائج خبراء التجارة الذين بدؤوا في التعامل مع النموذج التقليدي منذ فترة طويلة من أجل محاولة تفسير تلك الظواهر غير الطبيعية في عالم الاقتصاد.
ولكن بالنسبة للمستثمر العادي والذي يضع أمواله التقاعدية في عمليات إدارة أسهم تقليدية فسوف يعتبر نظريات مانديلبروت جديدة تماماً عليه.
والسؤال إذن هو إذا ما كانت الأسواق أكثر خطورة عما يقوله معظم المحللين، فماذا ينبغي على المستثمر العادي أن يفعله؟ ولكي نكون منصفين، فإنه لم يزعم مطلقا في هذا الكتاب أنه يقدم بديلاً، فأسعار الأسهم لا يمكن توقعها بصورة تامة بحيث تجعل المستثمرين أغنياء في عشية وضحاها كما أوضح في كتابه، ولكنه يشير إلى أن مخاطر الأسواق يمكن تقنينها لكي يتجنب المستثمرون الخسائر الفادحة، إذا ما استنتج المستثمر كيف يمكن عمل ذلك. وقد اشتهر مانديلبروت بنظرياته في علم هندسة الكسور ( تلك الأرقام المعقدة المرتبة التي تكرر نفسها بصرف النظر عن مدى ضخامتها)، لذا يقول إن الكسور قد تعطينا حلاً لتلك النظرية القديمة.
وفي كتابه يطرح نظرية محيرة بعض الشيء، فعلى عكس نظريات إقليدس على سبيل المثال، يقول إن الكسور تقيس مقدار الاضطراب، سواء كان فيما يتعلق بطريق ساحلي متعرج على سبيل المثال، أو أسواق مالية متأرجحة سريعة التغير، وفي كتابه يقول إن الكسور استطاعت أن تحاكي عدم توقع التأرجحات الشرسة بالأسواق وبصورة مقنعة للغاية، ويقول إن هناك ما يقرب من 100 عالم حول العالم يعملون بجد في نظرية الكسور المالية في الوقت الراهن.
ثم يعرض مانديلبروت القليل من التفاصيل عن التجارب الأكثر إثارة، ولكنه يقول إنه لم يحرز تقدما كبيرا في أبحاثه، مما ترك المستثمر العادي في دوامته ذاتها بدون أي تغير، وذلك لأن أفضل باحثي علم الرياضيات - مثل مانديلبروت - يعلم الكثير والكثير عن الخطأ والصواب في النظريات، ولكنه حتى الآن لم يستطع إيجاد حلول لأخطائها. وربما سوف ينظر قراء هذا الكتاب بنظرة قاسية على افتراضاتهم الخاصة فيما يتعلق بخطورة الأسواق المالية وتذبذبها، وهذا شيء جيد، ولكنهم سوف يبحثون في صفحات هذا الكتاب - دون جدوى - عن بديل يمكن أن يجعلهم لا يفقدون كل ما يملكون.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved