الكتاب :Longfellow : A Rediscovered Life
المؤلف :Charles C. Calhoun
الناشر :Beacon
العالم لم يكتشف أشعار لونجفيلو إلا بعد وفاته. وقد تم تكريم هذا الشاعر الأمريكي على نحو استثنائي بوضع تمثال نصفي له في دير ويستمنستر في بريطانيا إلى جوار شعراء الإنجليزية العظام.
ورغم ذلك فعندما يذكر اسم لونجفيلو في هذه الأيام يرتبط اسمه بسخرية الأكاديميين الحداثيين في مجال الدراسات الأدبية واللغوية. وفي كتاب السيرة الذاتية التي أعدها شارلز كالهون عن الشاعر الأمريكي يقول المؤلف (لم يسلم أبدا لونجفيلو من الهجمات التي شنها عليه الحداثيون) وقد بدأت حملة التشهير بهذا الشاعر على يد جورج سانتيسبوري عام 1907 عندما (رفض الكثير من أشعار لونجفيلو الأكثر شهرة).
وبحلول عام 1932 كتب لودفيج ليفسون: (لونجفيلو يمنح السعادة لجمهور أشباه المثقفين).
وفي ذلك الوقت لم يكن اسم الشاعر الأمريكي يذكر في قاعات الدرس التي تدرس الشعر الأمريكي في القرن التاسع عشر.
ويبدو أن لونجفيلو كان سيتقبل تراجع شهرته بهدوء وربما يقتبس سطورا من إحدى قصائده تقول (يأتي المد ثم الجذر وتشتد ظلمة الغسق ويغرد الكروان وسط كل هذا).
ولكن يبدو أن كالهون يتمنى إنقاذ لونجفيلو من الاستسلام للظلمة.
مؤلف الكتاب هو عضو في مجلس مين للدراسات الإنسانية وأحد الكتاب البارزين في مجال السير الذاتية، كما أن له أسلوبا ممتعا في كتابة تلك السير مما يجعل قراءتها متعة، كما أن تعليقاته على قصائد لونجفيلو مرفهة ومقنعة في الوقت نفسه وتصحح خطأ كبيرا في تاريخ الأدب الأمريكي.
كما أن هذا الكتاب القيم يعيد تقديم أشعار لونجفيلو بصوت معاصر. والحقيقة أن لونجفيلو كان واحدا من أبرز الأصوات الشعرية في القرن التاسع عشر التي تعاطفت مع المقهورين ونددت بالعبودية والرق عام 1843 قبل إيمرسون. كما أنه كان الشاعر الذي اعترف بهوية سكان أمريكا الأصليين وتغنى بتراثهم الجميل في قصيدته (أغنية هياواتا). ويقول كالهون في كتابه ان ملحمة (إيفانجلاين) التي نظمها لونجفيلو لم تكن مجرد تكرار للفكرة التقليدية عن الأسرة البطريركية في القرن التاسع عشر، ولكنها كانت تعبيرا عن فكرة أن (المرأة وحدها تستطيع وضع كل الأمور في نصابها وشفاء كل الجراح).
ولد الشاعر الأمريكي هنري ودزورث لونجفيلو في ولاية مين الأمريكية عام 1807 عندما كانت هذه الولاية جزءا من ولاية ماساشوستس، وعاش حياة مثيرة.
كان والده محاميا شهيرا بعث به إلى كلية بودوين كوليدج حيث تخرج مع ناثنانيل هاوثورن.
بعد ذلك أمضى لونجفيلو ثلاث سنوات في دراسة اللغة بأوروبا. وبالفعل أتقن تماما علم اللغة واضطر في ذلك الوقت إلى استخراج جواز سفر أمريكي حتى لا يعامل باعتباره إيطالي الأصل. وعندما عاد إلى الولايات المتحدة قام بتدريس اللغات الحديثة في كلية بودوين.
وبعد ذلك بست سنوات بدأ الاستعداد للرحيل إلى أوروبا مرة أخرى. وعاد منها مرة أخرى كأرمل بعد وفاة زوجته في روتردام.
وبعد عودته إلى الولايات المتحدة عمل استاذا في جامعة هافارد الأمريكية المرموقة.
ولكن لونجفيلو شعر بعد فترة قصيرة بالرغبة في التقاعد وترك التدريس والتفرغ للشعر.
وتزوج مرة أخرى من فاني أبيلتون واشترى منزلا في مدينة كمبريدج الأمريكية وهي تلك المدينة التي اتخذها زعيم الاستقلال الأمريكي جورج واشنطن عاصمة لحكمه في وقت من الأوقات.
وفي هذه المدينة عثر على شيطان الشعر وأبدع أعظم قصائده.
ورغم التجاهل والإهمال الذي تعرضت له (سوناتات) لونجفيلو وهي شكل من أشكال الشعر الإنجليزي عبارة عن قصيدة تتكون من 14 بيتا فإنها تعد من أعظم السوناتات في اللغة الإنجليزية. وقد تأثرت سوناتات لونجفيلو كثيرا بشاعر الإيطالية العظيم دانتي اليجيري كما تأثرت بمشاعر الحزن التي سيطرت على شاعرنا الأمريكي بعد وفاة زوجته الثانية فاني التي ماتت محترقة عام 1861.
من خلال صفحات كتاب كالهون عن شاعر القرن التاسع عشر نتأكد أن كالهون قدم كتابا جيدا ولكنه يبدو أحيانا كدفاع متردد عن لونجفيلو. والحقيقة أن المؤلف لم يكن في حاجة إلى هذا الدفاع. فقد قدم بالفعل الكثير من الأدلة التي تؤكد عظمة لونجفيلو الشعرية. فمن المستحيل أن تنهض أي حجة عقلية للدفاع عن أي شاعر.
فقط تلك القصائد البديعة والصور الجميلة هي الكفيلة بالدفاع عنه وهو ما يتوافر بكثرة في أعمال لونجفيلو.
|