* بقلم الأميرة بسمة بنت طلال :
علينا أن نقر بأن مساعدة الفقراء والتغلب على مشاكلهم يتطلب - كما التزمت دول عديدة - توفير آليات لإيجاد الحلول لمشاكلهم. وتعتبر القروض المتناهية الصغر وسيلة فعالة للغاية في هذا المجال، لأنها تعطي الأسرة الفقيرة الفرصة لتحسين ظروفها المعيشية من خلال القيام بأنشطة اقتصادية بنفسها.
فغالباً ما يكون السبب في عدم قدرة الفقراء على تحسين مستوى معيشتهم هو ضعف قدرتهم على الوصول إلى مصادر التمويل التي يمكن أن تساعدهم على بدء عمل ما أو تطوير عملهم أو التقليل من المخاطر والصعوبات التي تواجههم.
وفي الأردن تشير الدراسات إلى أن عدم توفر رأس المال هو المشكلة الأكبر التي تواجهها النساء لإقامة أعمال لهن. وهي المشكلة ذاتها التي تحول دون التوسع في العمل أو إيجاد فرص عمل لأخريات. وفي شمال إفريقيا والشرق الأوسط هناك 60 مليون فقير لكن 112 ألفا فقط يستطيعون إيجاد مصادر تمويل لأعمالهم.
إن الفوائد المتوقعة من القروض المتناهية الصغر الموجهة للأسر الفقيرة تتجاوز ليس قضية زيادة الدخل وخلق فرص عمل فقط وإنما تتعداها إلى توفير فرصة أكبر لالتحاق الأطفال بالمدارس وحصول هذه الأسر على تأمين صحي وإيجاد خيارات متعددة أمامهم لتلبية احتياجاتهم.
وبالنسبة للعديد من النساء، تشكل القروض المتناهية الصغر أداة قوية للتغيير الاجتماعي، حيث نرى الكثير من النساء في المجتمعات المحلية التقليدية تتجه للعمل في النشاطات الاقتصادية والتجارية. وفي أغلب الحالات يحدث هذا نتيجة توفر قرض صغير أو صندوق ادخار أو أية خدمة مماثلة عن طريق هيئات نسائية أو تعاونية أو جمعيات مزارعين أو غيرها مما يمكن المرأة من بدء عمل أو الاستمرار فيه.وعلى الرغم من أن الفكرة السائدة بأن الفقير ليس مؤهلا للتعامل مع الخدمات المالية إلا أنه يبقى بحاجة إلى مدخرات مالية وخدمات مختلفة لا تنطوي على مخاطر ائتمانية عالية خاصة وأن نسب السداد المترتبة للقروض المتناهية الصغر أعلى من مثيلاتها في البنوك التجارية.
إن النساء الفقيرات غالبا ما يعتبرن من أفضل المقترضين، ولكن علينا أن نتذكر أن نصف شعوب العالم لا تستطيع الحصول على أية خدمات مالية لأنها ببساطة غير متاحة لهم.
لذلك ومن أجل أن تكون صناعة المشاريع المتناهية الصغر قادرة على تلبية احتياجات الفقراء في منطقتنا فإن من الضروري أن نعمل على بناء هذا القطاع من اقتصادنا. وعلينا أن نعمل بجدية من أجل زيادة فعالية واستمرارية برامج القروض المتناهية الصغر وأن نعمل على تشجيع المؤسسات المالية الرسمية لتقديم خدمات الادخار والتحويلات المالية والقروض والخدمات المتعلقة بها للفئات الفقيرة.
إن برامج القروض المتناهية الصغر تشكل وسيلة فعالة لمواجهة قضايا اجتماعية أوسع لكنها في الوقت ذاته تساهم في تحسين نوعية حياة الكثير من الأسر الفقيرة، فهناك برامج في الجزائر اطلعت عليها تتلقى الدعم من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة تهدف إلى تخفيض حجم البطالة الكبير بين الشباب في المناطق الريفية مما يجعل من مثل هذه البرامج مبادرة مهمة للغاية.
من المفهوم تماماً أن القروض المتناهية الصغر ليست عصا سحرية لعلاج الفقر غير أنها تنطوي على طاقة كامنة تساعد الفقراء على انتشال أنفسهم من الفقر.
|