Saturday 23rd October,200411713العددالسبت 9 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الانتخابات على الأبواب.. الانتخابات على الأبواب..
نسأل عن الجاهزية الفكرية.. الوعي بالأهداف والفلسفة
د. علي بن شويل القرني ( * )

يدخل المجتمع السعودي مرحلة جديدة من مراحل التطور الاجتماعي عبر بوابة الانتخابات البلدية التي ستنتظم في مختلف مدن وقرى المملكة.. وهذه نقلة جديدة في الفكر الإصلاحي الذي اضطلعت به القيادة السعودية.. ولأول مرة سيقف المواطن السعودي أمام صناديق الاقتراع ليدلي بصوته في اختيار مرشحي بلديته المفترض أن يديروا شؤونه المحلية.. ومن المعروف أن الناس يهتمون أكثر لقضاياهم وشؤونهم المحلية أكثر من اهتمامهم بشؤون أخرى بعيدة عنهم في مدن أخرى، أو خارج حدود الوطن.. ولهذا فهذه الانتخابات تكتسب أهمية خاصة لطبيعتها المحلية.. وإذا نظرنا إلى انتخابات في دول أخرى مثل الولايات المتحدة أو كندا وبريطانيا وغيرها من الدول لوجدنا اهتمام الناخبين هناك بالشأن المحلي - ربما - أكثر من الشأن الوطني.. لأن مرشحي الإدارات المحلية هم الذين سيتخذون قرارات محلية تؤثر مباشرة في مسيرة المواطن، في عمله ومسكنه ومعاشه وأسرته وتعليمه وترفيهه ومواصلاته.. إلخ.
وصحيح أن الانتخابات ليست جديدة أو مبتدعة في مجتمعنا، فسبق أن كانت هناك انتخابات في بعض المدن والبلديات في عقود مضت.. وتوجد إلى اليوم انتخابات في الغرف التجارية لاختيار أعضاء مجالس إداراتها، كما كنا قبل سنوات في الجامعات السعودية نخضع لانتخابات لاختيار رؤساء الأقسام وأحياناً عمداء الكليات.. ولكن نحن اليوم أمام حقبة جديدة ومرحلة نوعية من مراحل إدارة الشؤون العامة في بلادنا، من خلال تنظيم انتخابات محلية تحدد مقاعد العمل البلدي في بلادنا.. ومن المهم الاعتراف هنا أن الأمانات والبلديات والمجمعات القروية تختص بأعمال كثيرة في حياتنا العامة والخاصة.. وقد ذكر لي أحد منسوبي إحدى الأمانات أن البلدية هي مسؤولة عن كل فرد مواطن ومقيم منذ ولادته، وحتى مماته.. ضمن دورة حياتية واسعة متنوعة تؤثر مباشرة أو غير مباشرة في مصير الفرد ورفاهيته ومعاشه وترفيهه.
وبهذه المناسبة، نود نحن المواطنين أن نقدم الشكر للجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثلة في وزيرها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز.. وكذلك هذه الجهود ممثلة في لجنة الانتخابات العامة برئاسة سمو الأمير الدكتور منصور بن متعب.. وأعضاء هذه اللجنة ذوي خبرات واسعة ورؤية مستقبلية.. ومع هذه اللجنة توجد لجان كثيرة جداً ربما تكون بالمئات منتشرة في أمانات المدن والبلديات والمجمعات القروية في مختلف مناطقنا ومدننا وقرانا السعودية.. ويجب أن ندرك أن هناك عقبات نظامية تحتاج إلى تأسيس وتمهيد.. وهناك عقبات لوجستية كبيرة تحتاج كذلك إلى تذليل وتسهيل أمام حركة الناخبين في بلادنا.
ومن المهم كذلك التنويه إلى أن هذه الانتخابات كانت تحتاج وتظل تحتاج إلى مزيد من التوعية الإعلامية للمواطنين في شؤون الانتخابات .. ولم يتم حتى الآن توضيح لماذا نحتاج انتخابات في بلادنا.. أي أننا لم نكتب أو نتكلم أو نشرح أو نفسر فلسفة الانتخابات.. وماهي الافتراضات الاجتماعية التي تتأسس عليها الانتخابات .. وما هي القيم الاجتماعية التي تفرزها الانتخابات على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع..؟ ثم نضع في سلم الأسئلة الحائرة.. سؤالاً مهماً عن .. هل جهزت بلادنا الوعي الكامل بمبدأ القبول التعددي.. وفكرة التعددية عامة..؟ هذه الأسئلة المهمة، لم نجد في وسائل إعلامنا أو وسائل التربية والتعليم والأسرة أي صدى لها يمهد إلى نقل المجتمع من مجتمع مرحلة الإدارات الفردية.. إلى مرحلة الإدارات الجماعية.. ومرحلة القبول بالرأي الآخر.. ومن الملاحظ أن كل عمليات النشر والإعلام التي تمت خلال الشهور الماضية ركزت على العمليات والإجراءات دون الاكتراث بالأهداف والفلسفات والغايات الكبرى من الانتخابات.. حيث من المعروف أن الانتخابات هي العميلة الإجرائية لمفهوم الديموقراطية.. ومفهوم التعددية.. وغيرها من المفاهيم الكبرى في إدارة المجتمعات الحديثة.
وربما أن الصعوبة البالغة التي نواجهها في الشأن الانتخابي كانت مدركة تماماً من قبل القيادة السياسية في بلادنا، ولهذا تم تقديم الانتخابات على مراحل.. تبدأ بالشأن المحلي، ثم تنتقل إلى مراحل أخرى أكثر تعقيداً وأكثر شمولية.. ونحن اليوم في الانتخابات البلدية نمهد الطريق إلى مزيد من الوعي الشامل بفكرة وفلسفة الانتخابات، وأهدافها وقيمها على الفرد والمؤسسة والمجتمع.

( * ) رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية
للإعلام والاتصال/أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved