في مثل هذا اليوم من عام 1798 أطلق الفرنسيون مدافعهم على حي الأزهر. وقد تحمل الأزهر تبعات الزعامة الوطنية وقيادة الأمة والوقوف أمام المعتدي حين تعرضت مصر 1798 للحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت؛ فلم ينخدع علماء الأزهر بمحاولات التودد وإظهار التبجيل والتقدير الذي أبداه قائد الحملة نحوهم، حيث أشعلوا ثورة القاهرة الأولى في 21 من أكتوبر 1798 والتي هاجمت الجنود الفرنسيين وفتك بهم الثوار.
ولم تهدأ الثورة إلا بعد أن ضربوا الأزهر والجهات المحيطة به بالمدافع واحتلوا الجامع بخيولهم وبالوا فيه، وألقوا بالمصاحف على الأرض وداسوا عليها بأحذيتهم، وسلبوا ما وجدوا من أموال الطلبة في أروقة الأزهر، وقبضوا على عدد من مشايخ الأزهر المتهمين بالتحريض على الثورة وأعدموا بعضهم.
استمر الأزهر على موقفه من التحدي ومقاومة المستعمر بشتى الوسائل الممكنة؛ فاشترك في ثورة القاهرة الثانية التي اشتعلت في 20 من مارس 1800 ودامت 33 يوما، وكان من زعمائها من مشايخ الأزهر: محمد السادات، وعمر مكرم.
ورأى كليبر القائد العام للحملة بعد رحيل نابليون أن يستعين بعلماء الأزهر للتوسط بينه وبين زعماء الثورة، غير أن هذه الوساطة لم تلق نجاحا وقام كليبر بضرب العاصمة بكل وحشية حتى استسلمت.
وفي أثناء ذلك أقدم (سليمان الحلبي) وهو أحد طلبة الأزهر باغتيال كليبر أثناء تجوله في حديقة منزله وذلك في 14 من يونيو 1800، وأسفر التحقيق عن سؤال عدد من الشيوخ والأساتذة والقبض على عدد منهم وانتهت محاكمتهم إلى إعدام سليمان الحلبي وثلاثة ممن كانت لهم به صلات قبل إقدامه على عملية الاغتيال.
وبعد الحادث قام الفرنسيون باتخاذ إجراءات أمن مشددة في الأزهر فقاموا بإحصاء الطلبة وكتبوا أسماءهم في قوائم وأمروا بحفر بعض الأماكن بداخل الجامع بحجة التفتيش على الأسلحة وأخرجوا منه الطلاب العثمانيين والشوام. وأحس القائمون على الأزهر أن سلطات الاحتلال الفرنسي تبيّت أمرا فرأوا تفويت الفرصة عليهم، وذلك لأن بقاء الجامع مفتوحا في مثل هذه الظروف العصيبة لا يخلو من أخطار؛ فرأى شيخ الأزهر (عبد الله الشرقاوي) ومن معه من كبار العلماء إيقاف الدراسة في الأزهر، وتعطيل الصلاة فيه فتم إغلاق المسجد وتسمير أبوابه من جميع الجهات.
|