Friday 22nd October,200411712العددالجمعة 8 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

فتياتنا والحلم الموؤود فتياتنا والحلم الموؤود
هذه الشجون تستيقظ مع أول خيوط الصباح
نوال ضيف الله النقى /القصيم - القرين

لن تجرؤ يد النسيان على سرقة تفاصيل ذلك اليوم بكل ما ازدان به من ملامح لازلنا نتنفس عبق ذكراها .. ذلك اليوم الذي قطفنا به ثمار جهد سنين طويلة.. كنا نرسم خلالها أحلاما واعدة ظناً منا بأنها ستتمثل واقعاً بمجرد حصولنا على وثيقة التخرج.. ولم ندرك حينها أننا كنا نرسم البداية لمأساة جديدة في عمر كل فتاة أتقنت رسم هذه الأحلام.. وأصبح حلم الوظيفة هاجسها الوحيد وهو ما يحدو بها إلى مستقبل مليء بالإشراق والوضوح.. لكن أشباح الغموض والخوف ستتسلل حتماً إلى فؤاد هذه الفتاة الشاردة بأحلامها بعد أن تمتد يدها لتنفض غبار الزمن الذي أخفى مفردات وثيقتها.. وهي تنتظر.. والسنون ترحل مودعة نهارها بليل يكتنفه الغموض
تقرأ مفردات الشح في عرض الوظائف الشاغرة والتي أحبطت أرقامها كل آمالها واغتالت تفاؤلها لتحقيق حلم الوظيفة الموؤود رغم ما يتقدم في ذاتها من طموح واضح.. لكن هذا الطموح يا وطني قد ووري بثراك الطاهر.. وهو ما زال يتنفس الحياة.
السواد الأعظم من نصف المجتمع الذي تشغله المرأة خامل ويعاني سطوة الانتظار.. رغم ما يلتهب في ذواتهن من عزيمة لا تذبل.. وهذا الحصر للوظائف النسوية قضية لا زالت صامتة.. ولسنا نعلم هل هي ضمن القضايا التي ندعي عقمها وعدم جدوى نقاشها.. فنحن ندرك أن عرض هذه الوظائف يتم بناءً على الطلب.. لكننا في الوقت ذاته قرأنا أقلاماً جادة ومسئولة بحثت في أبعاد القضية لاستيعاب أكبر عدد من المواطنات اللاتي يؤمن في أن لديهن رسالة يجب أن تؤدى.
وعلى قائمة هذه الحلول التي نادى بها الكثيرون.. التقاعد المبكر والذي أخذ حقه من النقاش ولم يعد مجرد فكرة يناشد بها البعض بل هو حتما الحل الذي ليس له بديل.. أما ما ذكر بأن التقاعد المبكر عرقلة وهدر لتلك الكفاءات الوطنية من المعلمات اللاتي لهن الباع الطويل والخبرات التي لا يستهان بها في مجال التعليم.. فإننا جميعا نقدر هذه الرؤية.. لكنه ليس السبب الكافي الذي يمنع البدء في تطبيقه.. إذ انه ليس من المنطق أن تكون كل المعلمات يمتلكن تلك الخبرات المشار إليها فهن بالطبع قلة.. وهذه الكفاءات يمكن الاستفادة من خبراتهن عن بعد.. كموجهات ومشرفات تربويات يأخذن بأيدي المنظمات حديثاً لسلك التعليم عن طريق الإشراف والتقويم. أو في المكان الذي ترى الجهات المسئولة الاستفادة من خبراتهن عن طريقه.ومن الحلول التي استوفت حقها من النقاش أيضاً تخفيض نصاب المعلمة من الحصص الدراسية خلال الأسبوع.. وما له من مردود إيجابي على طاقة المعلمة التي قد تستنفذ في نصابها الذي يفوق طاقتها في الغالب وما تعانيه من ضغوط تنعكس آثارها سلباً على أدائها الوظيفي.
هذه أبرز الحلول لهذه القضية التي ندعي عقمها.. فلم التباطؤ إذن في دراستها بالشكل الجاد الذي يعطينا دافعاً للتفاؤل.. أم أنه لازال لدينا متسع من الوقت في زمن تأتي متغيراته بسرعة لا تتيح لنا حتى مجرد التفكير في استيعابها؟ كما أننا فتيات هذا الوطن الطاهر لا نبحث عن الوظيفة التعليمية بعينها.. لكننا نجد فيها ما يناسب الفتاة السعودية بحكم خصوصيتها.. في الوقت الذي لا نرفض فيه الوظائف الأخرى فيما لو توفرت.. فجميعنا نتطلع إلى وجود الفتاة السعودية في تلك الوظائف التي تتناسب مع ثوابتنا العريقة.. على أن تتفق أيضاً مع طبيعتها كامرأة وعدم تجاهل الدور الذي تلعبه في البيت فهي أساسه الراسخ الذي لا يمكن تجاهله.وما يمكن الإشارة إليه أيضاً أننا لمسنا اهتماماً ملحوظا بشؤون توظيف المرأة لكننا نطمح للمزيد.. يقيناً منا بأن رفعة هذا الوطن لا تكمن إلا بتكاتف جميع أفراده.. كما أن هذه الفتاة التي يكتسح أجواؤها الاغتراب وهي ترسو فوق ثرى وطنها تحتاج من كل من حمل أمانة المسئولية ملء فراغها بما يجعلها تشعر بالمسئولية الملقاة على عاتقها.. هذا الفراغ الذي جعل منها جسدا مسجى أمام البث الفضائي الذي هو غث في جله.. تلتهم كل ما يفرزه من ثقافات لا تمت لديننا أو تقاليدنا بصلة.. فتستقبل انفتاحا يتعارض تماما مع أم المستقبل التي نطمح إلى بناء تفكيرها بناء صحيحا يتناسب مع مكانة هذا الوطن والنهوض به وبالأم التي ستنشئ أجياله.. هي ظاهرة مؤلمة حقاً لكنها ليست إلا ناتجا طبيعيا لزمن يكتظ بالمتغيرات.. غير أن هذا الانفتاح لا يبرر تجاهلنا للفتيات والشباب وهم يصارعون أمواج البطالة.. فنعده شماعة نعلق عليه كل الأخطاء الناشئة عن سوء التخطيط.. كما أن التساؤل الذي يأتي في هذا الشأن هل سيعادل هذا الجيل من الشباب الذين جرفهم طوفان البطالة العدد نفسه من الفتيات اللاتي سيجرفهن الطوفان ذاته.. وما يمكن أن نتنبأ به مستقبلاً كإفراز طبيعي لهذه الظاهرة؟.
وهل سنحتاج إلى تضخيم مسئوليات وزارة الشؤون الاجتماعية ومضاعفة ميزانيتها أضعافاً مضاعفة لاستيعاب أكبر عدد من الأسر التي ستتكون مستقبلاً لمعالجة فقرهم أيضاً..؟كما أن فتاة هذا الوطن لا زالت تلهث بثمة تساؤلات استعصت على فهمها:
1) هل سينتهي الأمر بنا إلى انتظار وظائف تعليمية فقط أعلنت مسبقا عدم احتياجها لنا.؟ وهل مسئولية توظيف المرأة مرتبط بوزارة التربية والتعليم ومدى حاجتها واكتفائها؟
2) لا زالت ابواب بعض التخصصات في الكليات والجامعات مشرعة للقبول والنتيجة معاناة المتخرجات ان لا أمل في الوظيفة.. في الوقت الذي تبدو فيه الحاجة ملحة لا تستدعي مزيدا من الدراسة والبحث إلى فتح اقسام أخرى يفرضها الزمن بشدة.. ولم يتم فتح أبواب القبول فيها حتى الآن؟
3) دبلوم المعاهد الخاصة واقصوصة الاعتماد من الخدمة المدنية التي لا نفهم في تفاصيلها شيئا.. غير ان الحاصلة على درجة الدبلوم من هذه المعاهد تفاجأ بالرفض القاطع لتسجيل بياناتها ضمن أي وظيفة معلنة.. وتهمتها تكمن في كونها التحقت بهذه المعاهد الخاصة في ظل غياب (البديل) والنتيجة مبالغ طائلة تكتنزها المعاهد الخاصة من الملتحقات دون أدنى فائدة تذكر؟ ولماذا لا تتاح لهن فرصة الحصول على درجة البكالوريوس من الجامعات المحلية المعتمدة بعد أن أمضين عامين من الدراسة في هذه المعاهد؟
هذه الشجون يا وطني تستيقظ في ذواتنا مع أول خيوط الصباح.. والانتظار يطول.. ومعاناتنا لا تتمخض إلا عن صمت قاتل..؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved