Friday 22nd October,200411712العددالجمعة 8 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

احترس.. فيديو كليب احترس.. فيديو كليب
عبدالله صالح الهجرس /عنيزة

لا شك أن مسمى الفن لدى جميع الشعوب عامة وبجميع أقسامه يعكس جزءًا لا يتجزأ من التطور الذي يعيشه ذلك الشعب سلباً كان أو إيجاباً.
فلو نظرنا إلى بعض فنون تلك الشعوب غربية كانت أو شرقية سنجد صورًا مضيئة لبعض فنونها كالرسم والمسرح وغيرها ومن ثم نجد مقابل تلك الصور الحسنة هبوطاً في أنواع أخرى كالغناء مثلاً يصل إلى حد الإسفاف والمجون ونقول عن تلك الأمم في إسفافها وابتذالها لهذه الفنون وما يصاحبها أنها أمم معذورة لأنها لا تدين بدين يوجهها إلا بالاسم وغم تقدمها الحضاري تقدماً مذهلاً في مختلف نواحي الحياة العملية والعلمية والحرص على رفعة شعوبها انطلاقاً من هذا المفهوم العلمي الصناعي المدروس بعناية.
والذي أريد قوله إننا أمة التوحيد والرسالة الخالدة نتأثر بما يهب علينا من رياح تلك الأمم بحكم قوتها وبحكم قوتها وبحكم عقيدة تأثر المتخلف بالمتقدمين، إلا أننا كنا نتمنى أن تصل درجة تأثرنا بالمهمل والرديء إلى درجة المفيد والقيم من العلوم المعاصرة التي تخدم تقدم الوطن والمواطن وصولاً إلى هدف سامٍ ومنشود فتكون معه منافسة تلك الأمم في ميادين العلم والمعرفة هي الهدف المنشود وهذا لا يتأتى بالأماني أو الأحلام الراكدة ولكن بالجد والعمل والبحث والمتابعة وإعداد المناهج الصالحة التي تأخذ بالفرد إلى المستوى المطلوب والمتوخى من جيل هذه الأمة الإسلامية التي قال الله تعالى عنها:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
إلا أننا في وقتنا الراهن ومع الأسف الشديد نقبع في ذيل الغانم لأننا لم نأخذ بأسباب التقدم والرقي الذي تعيشه تلك الأمم بل أخذنا منها الغث وتركنا السمين.
وهذا الغث المنهمر علينا بصورة فن هو ذلك الغناء الهابط في المستوى إلى درجة الابتذال الذي يدمي القلوب قبل الأذان والمنتشر حالياً بصورة (الفيديو كليب) وما يصاحبه من مناظر تخطف الأبصار في سرعتها وحركتها السريعة والبهلوانية وما يعتريها من هز للأكتاف بصورة مثيرة ومغرية وبضاعة رخيصة ليست من الغناء الطربي في شيء بل إنها أقرب إلى التهريج منه إلى الغناء.
إنك وأنت تسمع هذا المغني أو تلك المغنية لتصاب بالقيء من هذا التلوث الموسيقي وإن صح التعبير العهر الموسيقي.
إن التدني في مستوى الذوق العربي للأغنية وهبوطها إلى درجة الإسفاف وانتشاره بهذا الشكل المخيف الذي يزكم الأنوف والذي تحس معه عطب أو فساد الذوق العام والوجدان لدى شبابنا الذين نعدهم للمستقبل لأننا نطمع أن يكون على أيديهم كل تقدم لهذه الأمة إن شاء الله، ولكن مع الأسف الشديد وأقولها بكل مرارة إن هؤلاء الشباب قد استمرأت آذانهم وعيونهم موجة هذا الغناء الصاخب (الفيديو كليب) كما استمرأت بطونهم وجبات الهمبرجر والأكلات الجاهزة والمستوردة وأصبحوا يتناقلونها بغير وعي ولا فهم.
إن ما يجري على ساحة الغناء حالياً هو بمثابة هجوم شرس مقصود ضد
شبابنا لإفساد ذوقهم وتهيئهم تدريجياً لقبول الانسلاخ من جلودهم وذوقهم العربي الأصيل.
ونحن هنا نلقي بالمسؤولية عن تفشي هذه الظاهرة الصوتية الممجوجة والتي لم نعهدها في السابق أيام جيل الرواد والمبدعين أمثال كوكب الشرق وعبد الوهاب وصولاً إلى فنان العرب محمد عبده والذي منه ومعه تشكل وجداننا العاطفي السليم نلقي بها على وسائل الإعلام والمحطات الفضائية العربية بالذات التي جعلت من وهي الأغاني الغربية الهابطة صدراً لأغانٍ عربية هابطة وتقليداً أعمى لهم، وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم: (لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
وفي الأخير أعود فأقول إنه رغم هذا الضجيج المصم للآذان وبرغم هذه الغيوم الداكنة وهذه الجعجعة التي لا ترينا طحناً يبقى هناك أمل في أناس يبحثون عن الجيد ويطلبونه ويفتشون عنه في بعض الوسائل الإعلامية التي لا تخلو من الترفيه والثقافة والفن الجميل.. والله المستعان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved