ضجة كبرى.. أحاديث تليفزيونية.. وكالات الأنباء العالمية في كل مكان تبث الأخبار، العالم كله متجهة أنظاره الآن إلى طابا المصرية بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت في فندق هيلتون طابا والانفجاران الآخران اللذان وقعا بالقرب من ذات المنطقة، الإسرائيليون يتهمون القاعدة قبل أية تحقيقات.. وكتائب التوحيد تعلن مسؤوليتها.. ولغط كبير بين متهم ومدافع.
عمل التلفزيون الإسرائيلي على بث الوقائع لحظة وقوعها مباشرة واهتم جداً بالتركيز على صورة طفل وامرأة من المصابين وظل يكرر هذه الصور ويعيد ويزيد وبإلحاح.. وكنت أتمنى أن تنقسم الصورة بالتلفاز إلى نصفين.. نصف يقف على الحدث والنصف الآخر ينقل ممارسات الجيش الإسرائيلي داخل فلسطين.. وكم التشريد والإزهاقات في الأرواح التي تقوم بها القوات الصهيونية.. دون أن يلتفت العالم إلى شيء. حقيقة كنت أشعر بأن هناك أناساً كثيرين كانوا فرحين بما حدث في طابا لأن أمريكا وإسرائيل عملتا على شيوع روح الكراهية تجاههما من كل مكان في العالم.. العنف لا يولد إلا العنف.. والقتل لا يولد إلا القتل.. في أقل من خمسة أيام من أيام الندم على حد تعبير شارون قتلت القوات الإسرائيلية 75 فلسطينياً أغلبهم من الأطفال.. وفي طابا قتل حوالي ثلاثين.. أي أقل من نصف العدد. ولكن لِنرَ رد الفعل العالمي تجاه الأمرين.. لِنرَ كيف صار الدم العربي رخيصاً إلى الدرجة التي اعتدنا فيها رؤية قتلانا المسلمين دون أن تسقط من أعيننا دمعة.. ولِنرَ كيف صار الدم الصهيوني غالياً على العالم كله.. فالجميع اهتم بالحدث وبثه عبر دوائره التلفزيونية الفضائية منها والعنكبوتية.
لتذق إسرائيل من نفس الكأس التي يتجرع منها الفلسطينيون كل يوم من قتل للمدنيين، والعجيب أن تتفق مصر وإسرائيل على محاربة الإرهاب، فمصر مواقفها الثابتة تدل على محاربتها الإرهاب, وإسرائيل بمواقفها المخزية تدل على دعمها الدائم للإرهاب.. والسؤال: لماذا سميت أحداث طابا إرهاباً ولم يسمَّ كل ما يحدث في فلسطين نفس التسمية.. هذا السؤال أوجهه إلى كل العالم لمحاولة الإجابة عليه بصدق ووضوح.. ولماذا لم يتم الاتفاق بين كل الدول العربية والإسلامية على محاربة الإرهاب الصهيوني في فلسطين؟!
لماذا لم يتم الاتفاق على وحدة الصف تجاه ما يحدث في القدس (القبلة الأولى للمسلمين)؟!.. لماذا لم يتم الاتفاق على إنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق بعد (تحريره) وممارسة الديمقراطية الأمريكية القاتلة هناك؟!. ولماذا لم يتم الاتفاق على إنهاء الاحتلال الصهيوني في فلسطين؟!.
إن ما يحدث في فلسطين يدفع العديد من الجهات لعمل مثل هذه التفجيرات.. لمحاولة أن تفهم إسرائيل أنها ليست بعيدة المنال وأنه من الممكن أن يكون لاستخباراتها سقطات تقتل العشرات كما حدث وأعتقد أن الإعلام الإسرائيلي سيعمل جاهداً على الفصل التام بين ما حدث وما يحدث في فلسطين وذلك لكي لا يكون شارون مطالباً أمام شعبه بشيء لحقن دمائه.
أحداث فندق هيلتون طابا وقفة لإعادة تنظيم أوراق كل الأطراف لإيضاح ما هو ممكن وما هو مستحيل!!
|