Friday 22nd October,200411712العددالجمعة 8 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري في محاضرته (أي رمضان رمضانك؟!!): إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري في محاضرته (أي رمضان رمضانك؟!!):
الصيام الذي لا يمنع من الوقوع في المنكرات ليس بصيام

*إعداد: محمد بن سليم اللحام*
تساءل فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم السبر إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالعريجاء بالرياض في محاضرته التي ألقاها بعنوان (أي رمضان رمضانك؟!!) بقوله: لطالما حدثنا أنفسنا باغتنام فرصة رمضان، ولكن كلما أتى قضى الشيطان على الأمنية فثابت ليالٍ ورجعت أيام ثم عادت لسالف عهدها كأن لم تغْنَ بنور رمضان وضيائه.
وقال فضيلته: إن شهر رمضان موسمٌ جديد من الخير. حاثاً على اغتنام الفرصة فيه لئلا يكون حالنا في رمضان حال المسوفين الكسالى بل المسارعين المجدين، فقد قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (185) سورة البقرة.
مدرسة الصيام
وبيّن أن الصيام مدرسة يتعلمُ منها المسلمون ويتهذب فيها العابدون ويتحنث فيها المتنسكون.. فهو شهر الطاعة والقربى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، يفتحُ أبوابُ الجنة ويغلقُ فيه أبواب الجحيم، وتغلُ فيه الشياطين، فيه ليلةُ خير من ألف شهر من حُرِمَ خيرها فقد حُرِم) . رواه أحمدُ والنسائيُّ وصححه الألباني.
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان وإتيانه كُل ذلك شحذاً للهمم وإذكاءً للعزائم وتهيئةً للنفوس، حتى تُحسنَ التعامل مع فرصةِ رمضان، وحتى لا تفوتها.
وأشار فضيلته إلى أن الناس في رمضان على أنواع؛ فمنهم الفَرِح بقدومه لأنه يزداد به قربى وزلفى إلى ربه جل وعلا وهذا شأن المؤمنين: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {57} قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {58} } (يونس 57-58) . والنوع الثاني وهو من لا يعرف ربه إلا في رمضان فلا يصلي ولا يقرأ القرآن إلا في رمضان. وقال: وهذه توبة زائفة ومخادعة وتسويلٌ من الشيطان، وبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.
نعمة الصحة
بعد ذلك حث فضيلته على أهمية تذكر نعم الله واغتنامها ومنها نعمة الصحة حين قال: فكم من إنسان صام رمضان الفائت في عافيةٍ وصحة وقوة يأتي عليه رمضان القابل وهو قعيدُ الفراش أسيرُ المرضِ. وهل من يعيش آمناً مستقراً يتلذذ بخيرات الله كمن يصوم وهو أسير أو يتسحر ويفطر على الحدود وفي الملاجئ أو من الذي يحتاج إلى الفطر دفاعاً عن الملة والدين كما يحصل للمسلمين في بعض بقاع الأرض؟
وبيّن أن رمضان شهر الشعور بإخواننا في أقاصي الأرض ومغاربها وذلك لأنه لا بد للمسلم الصائم أن يشعر بآلام المسلمين، وأن يستشعر حال إخوانه في كل مكان، فإذا جاع تذكر أن آلاف البطون جوعى تنتظر لقمةً، وهو إذا عطش تذكر أن آلاف الأكباد عطشى تنتظر قطرةً من الماء, وهو إذا لبس تذكر أن آلاف الأجساد قد لحقها العري، يشعر بنعمة الله جلا وعلا عليه أن أعطاه السحور والإفطار وغيره محروم، وأن ألبسه وغيره عارٍ.
شهر العبادة
وأكد السبر أن رمضان شهر العبادة، وتساءل: فأيُّ رمضان رمضانك؟! هل اتخذت منه فرصة لتربية نفسك على العبادة؟، وقال: إنه ينبغي أن نأخذ في رمضان دورة في العبادة ونزيد فيها جرعات الطاعة ونكهاتِ الإيمان والإخلاص حتى نقوى على ما تبقى من الشهور، ويجعل هذه الفرصة منطلقاً إلى فعل الخيرات، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره) أخرجه مسلم. وليالي رمضان تاج ليالي العام، ودجاها ثمينة بظلمائها، فيها تصفو الأوقات وتحلو المناجاة, قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) , ورمضان شهر القيام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ، وقيام رمضان أمر مشروع، فعلى المسلم أن يحرص على أداء صلاة التراويح وأن يكملها مع الإمام حتى ينصرف، قال صلى الله عليه وسلم: (من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) ، رواه أهل السنن، فلله الحمد والمنة، يقوم المصلي ساعة من الليل مع الإمام فكأنما قام الليل كله. لافتاً إلى أهمية الاهتمام بالفرائض أولاً والمواظبة عليها في المساجد جماعة، وألا ننسى الأصل والفرض ونهتم بالنوافل والمستحبات.
وقال: إن رمضان شهر النفحات والبركات، فلماذا لا نقوم رمضان؟! ولماذا لا نجرب لذة القرآن؟! ولذة المناجاة والدعاء؟! ولماذا لا نجرب وقت الأسحار وهجيع الليل؟ ولماذا لا ننطرح بين يدي مولانا فربنا ينزل في ثلث الليل الأخير نزولاً يليق بجلاله وعظمته يعرض نفحاته ورحماته، فلماذا لا نتعرض لرحمات الله؟.


قمْ في الدجى واتْلُ الكتابَ ولا تنمْ
إلا كنومةِ حائرٍ ولهانِ
فلربما تأتي المنيةُ بغتةً
فتُساق من فرشٍ إلى أكفانِ
يا حبذا عينانِ في غسقِ الدجى
من خشيةِ الرحمن باكيتانِ
فاللهُ ينزلُ كلَّ آخرِ ليلةٍ
لسمائِهِ الدنيا بلا نكرانِ
فيقولُ: هلْ من سائلٍ فأجيبهُ
فأنا القريب أجيبُ مَن ناداني

حقيقة الصوم
وأبدى أسفه على من يفرط في وقت السحر ووقت الاستغفار ووقت النزول الإلهي ويجعلها فرصةً للعب واللهو، لافتاً إلى أهمية تدريب النفس وتوطينها على هجر المعاصي، فرمضان لترك الذنوب. كما أن المعنى السامي للصيام يجمع بين التقوى الحسية والتقوى المعنوية، فمن أخلّ بواحدة منهما فما استكمل الصيام، ولذا قال جلا وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 183) , ويؤكد هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري، قال بعض السلف: (أهون الصيام: ترك الطعام والشراب) .
وخاطب أهل اللهو والعبث ومتابعي البرامج غير اللائقة بقوله: نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث) رواه ابن حبان، هذا هو الصيام، فإذا تحقق فيه ذلك كان جُنة من المعاصي. مؤكداً أن الصيام الذي لا يمنع من الوقوع في المنكرات كالنظر إلى الحرام والسب والشتم والخصام والغيبة والنميمة والقيل والقال والولوغ في الأعراض فليس بصيام، إنما الصيام من اللغو والرفث، إذا تحقق هذا كان جنة من المعاصي وبالتالي جنة ووقاية من النار، قال صلى الله عليه وسلم: (الصيام جنة يستجن بها العبد من النار)، وقال أيضاً: (الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فإن سابّه أحد فليقل: إني صائم) رواه الشيخان. وقال صلى الله عليه وسلم: (ربَّ صائم حظه من صيامه الجوعُ والعطشُ، وربَّ قائم حظه من قيامه السهرُ) رواه النسائي وابن خزيمة. وقال الصحابيُ الجليلُ جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (إذا صمتَ فلْيصمْ سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع عنك أذى الجار، وليكن عليك وقارٌ وسكينة، ولا يكن يومُ صومك ويوم فطرك سواءً) .
الهمة العالية
وعبر عن تعجبه ممن يخالف سلف الأمة الذين كانوا يبذلون الجهد في الاستعداد لرمضان بهممٍ عالية وعزائم قوية وإرادات ماضية ليستغلوا رمضان في طاعة الله ليجعلوه منطلقاً للخيرات ومنطلقاً إلى التوبة وإصلاح النفس والحال. وقال: ومع ذلك فإننا نجد عجباً من بعض الناس يستعدون لرمضان، ولكن بما يفسد على الناس صومهم ويهدم أخلاقهم ويبعدهم عن تحسس واستشعار معاني الصيام والقيام، فيستعدون باللهو والعبث وبما يفسد حرمة هذا الشهر الكريم داعياً فضيلته من ابتلوا بهذه القنوات أو المجلات أو بتضييع أوقاتهم فيما لا يفيد ولا ينفع للتفكر في إبدال السيئة بالحسنة، وقال: لماذا لا نغتسل بماء التوبة النصوح من حمأة الخطايا؟ ولماذا لا نجعل هذا الشهر الكريم بداية لأن نهجر هذا الحال سيما ونفوسنا مهيأة للخيرات؟
رمضان التوبة
وأكد أن رمضان شهر التوبة، وقال: فأي رمضان يكون رمضانك؟! فلقد صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: (آمين, آمين. آمين) فقيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين!! فقال: صلى الله عليه وسلم: ( إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يُغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، قلتُ: آمين) أخرجه ابنُ خزيمة وابنُ حبان. وأضاف: فهذا زمان التعبد إن كنت مستعداً فبادر الفرصة، وحاذر الفوتة، ولا تكن ممن أبى، وخرج رمضان ولم ينل فيه الغفران والمنى.
شهر المحاسبة
وبيّن الشيخ السبر أن رمضان يعتبر شهر المحاسبة، وتساءل: فأي رمضان يكون رمضانك؟! وقال إن المطلوب منا والمتوقع منا أن نراجع حساباتنا، ونصلح حالنا، فهلا عشنا رمضان بتوبة وأوبة ورجعة صادقة إلى مولانا، وترك المنكرات، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (الزمر 53). وقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {8} } التحريم. وهلا فتحنا في رمضان صفحة للمحاسبة والمراجعة، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {18} } (الحشر 18).
* إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved