إذا كنت لا تملك لوحة تبدأ بأرقام متشابهة أو متسلسلة أو بحروف أيضاً متشابهة، فأنت إنسان غير متميز بل وعادي جداً!، فاللوحات التي تصعد بك إلى عالم التميز هي لوحات سيارات مثل ثلاث (666) خاصة إذا تقدمها حروف (أ ح ب)، وهذه الأرقام لها دلالتها الهامة ومعانيها السامية، وهل هناك ما هو أفضل من الحب! إذاً فالمرور يكرِّس هذه القيمة الإنسانية العظيمة عندما يكتبها عن عمد على لوحات سيارات تجوب الشوارع، لذا فتلك اللوحات النادرة على مستوى (العالم) والتي تتشابه في الأرقام أو الحروف أو كليهما انتبهت إدارة المرور لأهميتها وأنها عثرت على كنز فوضعت السعر المناسب لها، ولن يفوز بها إلاّ الباحثون الجادون عن (التميز)!
إدارة المرور باعت مؤخرا لوحة بـ 350 ألف ريال حيث طرحت أرقام (م م م 222) والمرجو أن لا يتبادر إلى ذهن أحد أنها لوحة غير متميزة فهي متميزة (بالرسم) كما جاء في الخبر المنشور بعدد من الصحف، وسيلي هذا الحراج حراجات بأحرف وأرقام أخرى. بهذا المفهوم تروِّج إدارة حكومية لمفهوم التميز الجديد في مجتمعنا، متقاطعة مع كل مفاهيم التميز التي تسعى إدارات حكومية أخرى للعمل على تنميتها. المرور يكرس ويروِّج التميز المظهري الجديد الذي لا يقوم على أي معانٍ إيجابية، ولا يحتاج إلى عمل مضنٍ، ولكن برقم في لوحة يصبح الإنسان بعدها غير عادي، وبشهادة من إدارة المرور يصبح متميزاً!.
مشكتنا الآن هي أنّ المواطنين المتميزين سيصبحون قلَّة في المجتمع، فالمرور بسبب ندرة تلك اللوحات وارتفاع سعرها لن يستطيع أن يميز كل المواطنين! لذا فإبمكان المرور - مجرد اقتراح - من خلال لجان (متميزة) تشكَّل لهذا الغرض أن يصدر لوحات بسعر مخفض تكون في متناول الجميع، وأخرى لذوي الدخل المحدود، حتى وإن لم يكن فيها حروف وأرقام متشابهة في (الرسم)، ولعل تلك اللجان تهتدي إلى أساليب أخرى تحقق أولاً: دخلاً جيداً لإدارة المرور، وثانياً: يشعر المواطنون جميعاً أن المرور يفكر بالجميع ويسعى إلى سعادتهم ويسهر على راحتهم.. أعتقد أنّ تلك الفكرة لو نُفذت ستضاف إلى سجل الإنجازات التي يحققها المرور يومياً في مياديننا وشوارعنا حتى انخفضت نسب المخالفات والحوادث ولم يبق أمامه إلاّ هذه الجزئية البسيطة، أعني اللوحات المتميزة لكل المواطنين!!
|