* لا شيء يقتل الانسان ويعمق احساسه بالألم والتعب النفسي أكثر من أن يحاسب على أخطاء الغير وأن يؤخذ بجريرة الآخر، وأن يصنف على نفس الدرجة التي يصنف عليها هذا الأخير أو ذاك..
* ذاك أن الانسان في هذه الحياة لا يستطيع ان يسيطر على تصرفاته وممارساته، كما أنه لا يستطيع أن يضمن نفسه، فكيف يمكن أن نحاسبه عن أخطاء الغير وممارساتهم وتصرفاتهم الغريبة؟..
* ثم كيف نطالب الانسان بأن يكفل سلوك الآخرين وأن يضمن تصرفاتهم وهو العاجز في كثير من الأحيان عن السيطرة على تصرفاته هو وسلوكه هو، ممارساته هو، طريقة تفكيره هو..
* يتجسد العدل كل العدل في قوله تعالى {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} لأنه جل جلاله يعلم ان مسؤولية الانسان لا تتجاوز نطاق ممارساته هو.. ومع ذلك فإن البشر يحاسبونك على ما يفعل غيرك، ويرزؤونك بما يمارسه ذاك الغير، وينظرن اليك من خلال ما يرونه في الآخرين، وعنهم من تصرفات وممارسات، لا دخل لأحد فيها سوى ارادتهم، سوى تربيتهم، سوى طريقتهم في الحياة، وفي التفكير، وفي العيش.
* وعندما يحدث هذا فإن الانسان يعيش ظلما لا حدود له، وقسوة لا نهاية لها، ومحاسبة هو بريء من تبعاتها، وكأنه قد كتب عليه أن يشقى بغيره، وأن يتحمل تبعاته، وأن يوصم بما هو فيه، وعليه من ممارسات وتصرفات.
* يحدث هذا في الوقت الذي ندرك فيه مدى حرية الانسان في اتخاذ قراره بنفسه، وتوجيه مسلكه، واختيار طريقه وفقا لمشيئته، وفلسفته، في الحياة، ونظرته الى الدنيا.
* يحدث هذا في الوقت الذي يندر أن يتفق فيه الانسان مع نفسه فكيف يمكن أن ينسجم مع غيره، وبالتالي يصبح جديراً بأن يشاطره مكتسباته ومآسيه في آن واحد.
* فهل يصبح الانسان بعد كل هذا مسؤولا عن غيره وشريكاً له في تحمل سوءاته؟.. اعتقد ان ذلك ظلم كبير، وقسوة لا مبرر لها، لأن الانسان وان كان شقيا، وان كان خطاء، وان كان متجاوزا في بعض الأحيان، إلا أنه لا يمكن ان يتحمل شقاءه وشقاء غيره، لسبب بسيط هو ان الخطيئة لا تجزئ دائماً.
* اضافات:
يظلمك الناس، رغم ادراكهم لبراءتك، لأن الانسان تعود ان يصدر أحكاما مهما كانت قاسية وغير صائبة ضد غيره.
|