دعا كثير من علماء المسلمين الغيورين والحريصين على توحيد كلمة المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية وفي أي مكان وزمان دعوا إلى أهمية تحديد دخول الأهلة الشرعية كدخول شهر رمضان والعيدين لتقوية الأواصر الدينية والشعور بالمسئولية الشرعية وهي دعوات نابعة من حسن نية ومحبة صادقة نحو المسلمين بعضهم لبعض.
إلا أن هذه الدعوة رغم ما مضى عليها من السنين بقيت تراوح مكانها وسوف تبقى كذلك لأن مجرد حسن النية لا يكفي لجعل هذه الدعوة حقيقة واقعة.
ذلك لأن القمر آية من آيات الله العظمى مثله مثل الشمس والليل والنهار كما قال تعالى ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر خلقها الله وأودعها علمه وأسراره واختص بها نفسه ويستحيل أن يتساوى فيها علم الله سبحانه مع علم خلقه قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} فعلم الله محيط بالخلق ففي القمر إعجاز علمي وسر إلهي ولا يعرف البشر عنه إلا العلم الظاهر كما قال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} والقمر تتغير حالاته التي خلقه الله عليها إلى حالة استثنائية مما أراده الله لحكمة إلهية يعجز الخلق عن إدراكها، ومن هذه الحالات الاستثنائية بمشيئة الله تعالى قبل عشرين سنة فقد بدا القمر في الأفق آخر الشهر مرتفعاً بعد صلاة الفجر فقال المشاهدون لا يمكن أن يرى الليلة المقبلة ومع هذا فقد ثبتت رؤية الهلال لدخول الشهر وعلل من رأوا هذه الظاهرة بأنها تحدث كل خمس وثلاثين سنة.
وقال علماء الهيئة إنه لا يمكن رؤيته آخر الشهر إذا كسفت الشمس ورغم ذلك فقد ثبت دخوله قبل سنوات، وقال أهل الهيئة إن الهلال يستحيل رؤيته إذا كان ارتفاعه في الأفق ثلاث درجات فأقل ومع هذا فقد ثبتت رؤيته في عام مضى بالعين المجردة.
كما أن ثبوت رؤية الهلال في دولة ليس شرعاً ملزماً لدولة ثانية وإنما يبقى الحكم على الجواز بخلاف مواطني دولة واحدة فيلزمهم ذلك فقد قال ابن عباس لهم رؤيتهم ولنا رؤيتنا يعني أهل الشام.
وتعدد أيام العيد وأيام دخول هلال شهر رمضان في البلدان الإسلامية ظاهرة صحية لا يضر ففيه توسعة على المسلمين ورفع حرج وسماحة الإسلام في الاختلاف الجائز، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ دعته الجامعة العربية لحضوره ندوة بغرض تحديد دخول الشهر فرد على الدعوة بقوله: إن هذه مسألة فرعية اجتهادية لا يضر الاختلاف فيها، كما هو مدون في فتاواه.
واستصحاب الحال في هذه المسألة ببقاء ما كان على ما كان بأن يبقى لكل بلد إسلامي رؤيته وإن اختلف مع بلد آخر هو ما يوافق حكمة الله في خلقه وفي علمه المحيط بكل شيء مما لا يساويه فيه علم البشر. والله أعلم.
|