بينما يتأجج النزاع في شأن قضية الصحراء المغربية، فإنه لا يبدو للرائي من بعيد سوى انها صحراء وخيام، والأكيد ان بداخل تلك الخيام عفشا ونساء وأطفالا فقط!
هكذا حكم على المرأة من الصحراء، وهو انتماء ظل موازيا لها وعائقا أحيانا بينها وبين طموحاتها في القرن الحادي والعشرين، بحجة هذا الإرث أو الانتماء الذي يكاد يحجب عنها حقها المطلق في العيش ليس إلا!
لكن الحقيقة المفاجئة والمدهشة هي ما يدور في هذه الصحراء على هامش الصراع، فالمرأة هناك، وفي الصحراء المغربية تحديداً، وبعيداً من الشأن السياسي، تقف إلى جانب الرجل في كل شيء، وهذا الدعم لم يكن شفهياً أو معنوياً لشد الهمة فقط، بل ان المرأة هناك ترى أن دورها لا يختلف عن دور الرجل، وقد تمتع بما لم يتمتع به غيرها من النساء المتحضرات، ومن تظللهن سقوف المدنية الغارقة في التفاصيل البراقة، بينما تأبى حمية هذه الصحراوية أن تتخذ الخيمة وكراً للهزيمة والاتكاء على ظل الرجل الذي ان لم يدم لها فإنه ربما مال عليها وهدم كيانها استنادا على مقولة ظله ولا ظل الحيطة الشهيرة التي تناسلت بها ثقافة الوأد المقنع.
بل ان احدى الصحراويات بثت طموحها وثقتها تحت سقف خيمة اجتمعت بها مع بعض الناشطات الأوروبيات المدافعات عن حق المرأة بقولها: (نحن النساء الصحراويات نناضل لأن الرجال وعدونا بالحرية)، وكون هذه المرأة قد انسلت من وريثات مجتمع تسود فيه حقوق المرأة، وتحظى بالتزام عملي وراهن على أفعالها، فإنها تقف إلى جانب الرجل الزوج والشقيق والأب، وقد أظهرن جانباً مهماً ووعداً حراً لا يتنافى مع الحرية الأساس.
ما أبهر الجمع النسائي الأوروبي المتحضر في اجتماعه بممثلات الصحراويات. ومن أتين من خيام وصحراء تمثل الشاسع البيّن في فروقات ومتناقضات العيش، هو ما صرحت به مريم، عندما قالت إن في صحرائهم لا يمكن للرجل أن يضرب المرأة، وإذا حدث من أحدهم ذلك فإنه يعزل اجتماعياً وينتقص قدره وقيمته ولا يحظى بأي شرف رجولي. كما أن المرأة تتزوج بملء إرادتها ولا تتعرض لأي ضغوط، بينما في حال طلاقها فإنه يقام لها حفل كبير يدعم معنوياتها، وليس كما يحدث في دول إسلامية وعربية كثيرة تقصي المرأة وتنبذها إلى حين يأتي الله بأمره.
ما اختتمت به الصحراوية قولها كان مدعماً بمطالب تتمتع بها نساء الدول المتحضرة، ويرفلن بها ظاهرياً فقط، حيث إن معظم النساء في دول كانت تحت الاستعمار ونهلت حقوقا امتيازية خادعة، إن جزءاً يسيراً منهن يتعرضن للضرب والاضطهاد والقمع الشديد، كما لو كنّ في ما هو أبعد من قانون الصحراء بعد أن أثبتت مريم أن ما يشغل بالها هو كيف تثبت لأولادها مستقبلاً أن العالم ليس صحراء فقط، لكننا لا ندري بماذا نشبه الظلم الذي يحدث على نساء خارج الصحراء، إذا كان أهل الصحراء قد أبدعوا ونفوا صلابة الصحراء وأنها ليست عائقاً ضد حقوق البشر.. اقصد النساء باعتبارهن جزءاً من البشر!
|