عندما كانت (العمعمة) أو التأميم شعاراً مرفوعاً اندفعت نحوه دول اندفاع الملهوف فكانت نتائجه باهظة ومدمرة للاقتصاد الوطني في تلك الدول (النامية) بل ان الأمر تعدى أكثر من ذلك حيث تسبب هذا المنهج في إحباط معنويات أفراد وشعوب بأكملها.
فكما تعلم أخي الكريم.. ان هناك دولاً عديدة (طبعاً نامية) لجأت إلى تأميم المشروعات الخاصة إبان حركات الاستقلال!!! حيث كان الهدف آنذاك هو إيجاد المشروعات العامة (المملوكة للدولة) مع بدء برامج تلك الدول التنموية وذلك بهدف تعجيل تحقيق التراكمات الرأسمالية اللازمة لإقامة البنية التحتية الأساسية فيها، وكذلك استغلال الموارد المتاحة في وقت كان فيه القطاع الخاص غير قادر على أداء هذا الدور التنموي الملح (بضم الميم وكسر اللام).
والذي أخشاه -كمتابع للتطورات الاقتصادية- أن يؤدي الاندفاع نحو (الخصخصة) إلى عواقب ونتائج أكثر سوءاً. حيث أثبتت تجربة (العمعمة) أن القطاع العام -على طول تجربته- لم يستطع القيام بأعباء التنمية، بل أهدر الموارد المتاحة آنذاك وتميز أداؤه بالبيروقراطية المعقدة.
نتيجة لهذا الأداء السيء المعقد لكثير من مؤسسات القطاع العام تبنت بعض الدول توجها جديدا يهدف إلى اعطاء القطاع الخاص دورا أكبر وتقليص دور القطاع العام فيما اصطلح بتسميته بالخصخصة.
و(التخصيص) إحدى الظواهر الدولية التي صاحبت التحولات الاقتصادية العالمية -الاقتصاد الحر- حيث يقوم الاقتصاد الحر الرأسمالي بصيغته النظرية (البحتة) على جعل النشاط الاقتصادي معتمداً على مبادرات القطاع الخاص ويكون دور الحكومة الاقتصادي محدوداً.. (مراقب فقط)
لكن هذا التوجه سوف يكون له انعكاسات قوية على مستقبل القطاع العام ودوره في النشاط الوطني لأن مهمة توفير الأمن والدفاع عن الأرض وايجاد الخدمات العامة للمواطنين والتي لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها تستوجب امتلاك الدولة لمشاريع تدر عليها عائداً مجزياً لمواجهة تلك المصاريف الباهظة.
وحركة التخصيص أو الخصخصة والتي هي حديث الساعة اليوم، قد مرت بعدة مراحل كما يلي:
1- مرحلة إصلاح التشريعات الحكومية.
2- مرحلة إزالة العوائق البيروقراطية.
3- السماح للقطاع الخاص بمشاركة القطاع العام بأنشطة كانت محتكرة.
4- المشاركة مع الحكومة في بعض المشروعات الجديدة.
5- مرحلة بيع المؤسسات العامة إلى القطاع الخاص.
لكن السؤال المهم: ما هو الهدف من عملية التخصيص؟
إن مجرد نقل الملكية لا يمثل بحد ذاته هدفاً ذا قيمة اقتصادية ولا حتى اجتماعية وبالتالي يمكن إيجاز الهدف من حركة التخصيص من خلال النقاط التالية:
1- تخفيف العبء على جهاز الحكومة الإداري بما يتيح له الفرصة لأداء الوظائف الأساسية.
2- تخفيف العبء على ميزانية الدولة في مواجهة عمليات التنمية مستقبلاً.
3- إيجاد فرص عمل جديدة من خلال زيادة حجم الاستثمارات.
4- تحسين مستوى أداء المنشآت المخصصة بما يقلل من التكلفة ويزيد الإنتاجية ويرفع معدل الربحية.
5- إتاحة الفرصة للحكومات لإعادة استثمار حصيلة عملية التخصيص في مشروعات لا يرتادها القطاع الخاص عادة.
6- إحلال إشراف المساهمين ذوي المصالح الذاتية محل إشراف الموظفين البيروقراطيين.
|