عندما طلبت من الزميل محمد سواعي.. أن يترجم لي ما نشرته الصحف والمجلات الاجنبية.. عن هذه القضية حال ضيق مجال الصفحة من نشر ما ترجمه الزميل سواعي - ولم تكن القضية آنذاك قد عدت كونها اتهاما من الرجل المسرودة قصة حياته.. وانكار من الكاتب الذي تعاقد مع احدى المجلات الكبرى (لايف) لنشرها مقابل ربع مليون دولار.. وفي خلال الاسبوعين الماضيين تطورت القضية تطوراً سريعاً ومذهلاً.
فقد نشرت مجلة (تايم) الامريكية ان الكثير من المواد التي احتوت عليها سيرة المليونير الامريكي هوارد هيوز للكاتب كليفورد ايرفنغ نقلت من كتاب آخر. وذكرت ان ايرفنغ اعترف بأنه لم يقابل هيوز على الاطلاق.
وأضافت المجلة تقول ان الكاتب مستعد الآن لدخول السجن لدفع ثمن تزييفه بغية حماية زوجته اديث من الملاحقة القضائية.. ويبدو انه يحاول الآن تهدئة اعصاب زوجته قبل ان تنفجر في وجهه.
لم يقابل هيوز
ومما جاء في المجلة المذكورة ان السلطات الاتحادية، استطاعت ان تحصل على اعتراف من ايرفنغ بأن ما كتبه من سيرة حياة هيوز، لم تكن حصيلة لقاءات سرية بينه وبين المليونير.. وأضاف أنه لا داعي لطلب هيوز للشهادة لأنه لم يجتمع به قط.
وأضافت المجلة ان خدعة ايرفنغ نجحت في البداية لأن الأسس التي بني عليها معلوماته كانت صحيحة الى حد بعيد.. فهي تتشابه في نقاط كثيرة مع مسودات كتاب وضعه المخبر الصحفي جيمس فيلان لحساب نوح ديتريتش الذي كان مساعداً للمليونير لسنوات عديدة.
فيلان يقول
وقال فيلان هذا انني كنت الرجل الاول الذي وصف كتاب ايرفنغ بأنه مختلق.. فقد استخدم ايرفنغ كتابي كهيكل عظمي.. ولكن مشكلته ان العظام ظلت بارزة.
ولكن ايرفنغ.. بالاضافة الى اقدامه على سرقة فصول واجزاء من مسودة الكتاب، فإنه اختلق فصولاً أخرى اختلاقاً كليا.. فهو روائي ويعرف كيف يكتب أموراً خيالية ومن بين هذه الأمور ما ذكر عن اللقاءات التي جرت بين هيوز وبين شويتزر وأرنست هيمنجواي وكذلك الفصل الخاص برحلة هيوز غير الصحيحة لأثيوبيا.
واضاف فيلان قائلا: (وفي الثامن من كانون الأول الماضي، وبعد يوم واحد من اعلان مؤسسة ماكفرو هيل للنشر، أنها اتفقت مع ايرفنغ على نشر كتاب سيرة حياة هيوز مقابل ستمائة وخمسين الف دولار، اتصلت بممثلي المؤسسة وقلت لهم ان الكتاب قد يكوم مختلقا، ولكن أحدهم قال ان المؤسسة واثقة تماماً من ان الكتاب أصيل وصحيح، ولكني غيرت رأيي عندما قرأت في الصحف مقتطفات من كتاب ايرفنغ تتحدث عن أمور لا يعرفها الا انا والمليونير وديترتيش).
انكار!!
وقد انكر الأشخاص الثلاثة الذين يملكون مسودات الكتاب، بالاضافة الى فيلان، حتى ان نوح ديتريتش البالغ من العمر ثلاثة وثمانين عاما والذي أمضى منها اثنتي وثلاثين سنة في خدمة هيوز قال: (ان معلومات ايرفنغ عن المليونير يجب ان تكون صادرة عني أو عن هيوز نفسه ولكن ايا منا لم يجتمع به.
ولقد دفعت مبلغ أربعين الف دولار الى فيلان طوال السنتين الماضيتين اللتين انكب فيهما على وضع الكتاب كما استعنت بالصحفي بوب توماس وسيصدر قريبا بعنوان (هوارد هيوز.. المدهش)...
مجلة تايم تنشر
هذا وقد نشرت مجلة تايم ثمانية امثلة من التشابه بين مسودات كتاب ايرفنغ ومسودات كتاب فيلان, وقالت عندما يقرأ الكتابان يتضح على الفور أن ايرفنغ سرق معظم معلوماته عن كتاب فيلان ومن مقابلات مسجلة على أشرطة جرت مع ديتريتش وبعد ذلك عن طريق الاستعانة بأحد الباحثين وبمخيلته الواسعة وعدد من الموظفين السابقين للمليونير استطاع ايرفنغ ان يضع الكتاب الذي أطلق عليه (سيرة حياة هوارد هيوز).
جواز سفر مزور
وتضيف مجلة تايم ان ايرفنغ اعترف ان زوجته اديث استخدمت جواز سفر سويسريا مزوراً باسم هيلفار. هيوز لكي تفتح حسابا بهذا الاسم في احد البنوك السويسرية, ثم لتسحب مبلغ ستمائة وخمسين ألف دولار كانت مؤسسة (ماكفروهيل) للنشر قد أودعتها في هذا الحساب بالذات على اساس انها سترسل للمليونير هيوز.
وتقول المجلة المذكورة: ترى هل تكون محاولة ايرفنغ لطلب الرحمة لزوجته من باب الفروسية والشهامة، أم من باب الانانية المحضة، ونقلت تايم عن بعض المحققين قولهم إن من المعتقد ان ايرفنغ يأمل ان يهدئ من روع زوجته قبل ان تنفجر وتروي معلوماتها عن عملية الاختلاق التي ارتكبها زوجها نتيجة لغضبها منه.
كيف تراجع ايرفنغ؟؟
تقول المجلة ان اعتراف ايرفنغ يعود الى ان صديقه ريتشارد ساسكيند تراجع عن الشهادة التي أدلى بها تحت القسم وادعى فيها أنه كان برفقة ايرفنغ خلال احدى مقابلاته المزعومة لهيوز.
وتقول تايم ايضا ان السلطات السويسرية قد توافق على تنفيذ أي حكم تصدره على زوجة ايرفنغ بشرط اعادة مبلغ الستمائة وخمسين الف دولار الى شركة (ماكغروهيل) للنشر. وقد سبق لهذه السلطات ان طالبت الحكومة الامريكية بتسليمها السيدة ايرفنغ.
وعرف ان هيوز وافق على الاعتراف بأنه لم يجتمع بهيوز مطلقاً بشرط ضمان عدم اعتقال زوجته، سواء في الولايات المتحدة أو سويسرا.
(نيويورك ديلي نيوز) قالت:
أما صحيفة (نيويورك ديلي نيوز) فقد ذكرت ان السلطات السويسرية وافقت على ذلك ولكنها اشترطت ان يدخل شخص ما الى السجن بهذه القضية وليكن ايرفنغ).
وادعى ايرفنغ بأن نينا فان بالاندث ومعلمة الغوص ان باكستر كانتا برفقته خلال بعض الاجتماعات التي عقدها مع هيوز، ولكن الأولى نفت ذلك.
وستكون هاتان السيدتان بالاضافة الى روبرت ماهيو احد كبار مساعدي هيوز السابقين، والذي ينكر مقابلة ايرفنغ لهيوز انكاراً قطعياً من بين الشهود الذين سوف يشهدون ضد ايرفنغ خلال محاكمته.
وقد توقفت مجلة لايف - التي دفعت مبلغ ربع مليون دولار الى مؤسسة (ماكغرو هيل) للنشر مقابل السماح لها بنشر مقتطفات من الكتاب - عن نشر بقية الفصول، بعد ان تأكد لها ان الكتاب مزور ووصفت ما فعله ايرفنغ بأنه أكبر عملية شرقة أدبية في التاريخ، والتي تعتبر فضيحة مذكرات (جاكلين أوناسيس) كنيدي سابقا والتي سينشرها وليم ما نشستر مشابهة لها.
ومما يجدر ذكره ان ايرفنغ قد كتب اربعة اعمال قصصية.
وكتاب خامس لا علاقة له بنسج الخيال، يحكي سيرة حياة الرجل الهنجاوي (المردهوري) الذي يقوم بأعمال تزوير اللوحات الفنية، واسم الكتاب (تزوير).
كثير من النقاد اصبحوا يشكون في كل ما كتبه ايرفنغ ويحاولون ان يعيدوا النظر في كل ما كتب وكتب عنه.
ولكن الاسئلة الجدير طرحها هنا..
هل حقيقة ان هذه أكبر سرقة في التاريخ الأدبي؟
وهل اذا كانت كذلك تعود اهميتها الى كونها اعتداء على اثر ادبي لآخر؟
أو لأن ثمنها يعد بمئات الالوف من الدولارات.. أو لأنها.. من عند (الخواجات).. ونحن نعاني من (عقدة الخواجات).. ولكن اجاباتي هذه الاسئلة.. لا تغير من الأمر شيئا.. فكل الصحف الاجنبية والعربية - بما فيها نحن - تناقلتها تحت عنوان أكبر سرقة أدبية في التاريخ.
(ساهم في تقديم هذه المادة الزميل: محمد سواعي).
|