لا شك ان هجرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - امر مهم بالنسبة للمسلمين وللعالم اجمع ولقد كانت هبة من الله - عز وجل - لأهل يثرب الذين أحسوا بفراغ نفسي لدين سماوي فراحوا يبحثون عنه لدى جيرانهم من اهل الكتاب، فلم يجدوا ما يشبع جوعهم ويروي ظمأهم ثم علموا بنبي خرج من قريش وكانوا يسمعون عنه من اهل الكتاب انه سيخرج في مكة وعلموا بما لقي من قومه من اذى ومحاربة فوصلوا إليه وسمعوا منه ودخل في قلوبهم الايمان فوعدوه بإبلاغ الدعوة الى قومهم واتفقوا معه على موسم الحج ليلتقوا هناك في منى، وقد كان ذلك، وقابله سرا وفد من اهل المدينة اكثره رجال وفيه نساء.. آمنوا به وصدقوه وعاهدوه على ان ينصروه وأن يحموه مما يحمون منه نساءهم واولادهم ووافق هو على الهجرة اليهم وحضر المعاهدة عمه العباس وعادوا الى بلادهم بخيري الدنيا والآخرة فكانوا اكرم وفد وأكثره بركة وحقق رسول الله - صلى الله عليه وسلم 0 ما وعدهم به فها هو يسير هو وابو بكر ودليلهما ويقتربون من يثرب وأهل يثرب قد علموا بخروجه فصاروا يخرجون كل يوم الى مشارف المدينة ينتظرون قدومه وذات يوم عندما كادوا يعودون هتف رجل من جبل ان ابشروا فقد وصل محمد فسروا سروراً عظيماً وانطلق الرجال يهللون ويكبرون والنساء يحيين ويفرحن والاطفال يرددون اهازيجهم بصوتهم المؤثر:
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع |
ويلتقون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويسر هو لما رأى من الفرحة والبهجة على وجوه الأنصار.. وكان ذلك اليوم يوماً مشهوداً وحدثاً مهماً في تاريخ الانسانية ومبدأ حياة جديدة وسعيدة ليثرب وأهلها.
|