أي والله رحل زينة المجالس وعامرها بفنون العلم والأدب رَحَل الشيخ أبو يوسف محمد بن عبد الله بن عبد اللطيف المبارك - رحمه الله رحمة واسعة - فقد كان ملء السمع والبصر كان يفشي مجالس الشباب ويعظهم بأسلوب محبب إلى النفس مما جعلهم يتعلقون به ويحبونه حتى سمي شيخ الشباب.
عرفت شيخنا الفاضل منذ أربعين عاماً حينما كنت أعمل في وزارة المعارف وكان هو في نفس الوزارة ولكن مقر عمله مسقط رأسه ومعشوقته الدائمة الأحساء وحينما تشرفت بالعمل في الأحساء كان من أقرب المقربين مني لا يمنعه ذلك من النقد اللاذع للبلدية بأسلوبه الشعري السهل الممتنع وكان زوار الأحساء من علية القوم يتعلقون به وبأحاديثه الشيقة ومخزونه التاريخي ويكثرون السؤال عنه والاتصال به وأذكر من طرائفه أنه توقف عن نقده الشعري للبلدية فأرسلت له هذه الأبيات:
أين المصير لشاعر
قد كان ينظم للدرر
قد غاب عنا نوره
واليوم نسأل ما الخبر
أين المعاني ان سمت
هزت وألفتت النظر
فتعال أتحفنا بها
لنظل دوماً في سمر |
واتضح أن الرجل عاتب علي ظنا منه أن هناك زواراً للأحساء لا يعرف شيئاً عنهم كتماناً مني ويعلم الله أنني أحرص منه على حضوره أي مناسبة فكانت منه هذه الأبيات:
أيا حمد الصغير إن نفسي
تتوق إلى لقاك بكل وقتِ
ولكن المشاغل قد أعاقت
فصار الكل في شغل مُبتِّ
أيأتي الوفد تلو الوفد يوماً
وتبدو للصديق بكل صمتِ |
وكانت شاعريته حاضرة ولا يحتاج إلا إلى دقائق أو ثوان حتى ينظم قصيدة طويلة تغطي المناسبة مثال على ذلك كان هناك مشروع شبه تعاوني بين البلدية ومعلمي الأحساء للأسف تعثر فيما بعد حيث قدمت البلدية أرضاً في موقع مناسب وقامت بتخطيطها وشارك صندوق التنمية العقارية بالإقراض وكان صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز يومها وزيراً للأشغال العامة والإسكان ووزيراً للشئون البلدية والقروية بالنيابة فأخبرته عن المشروع فباركه وتفضل بالموافقة على وضع حجر الأساس وذلك في وقت قصير فأخبرت الصديق الراحل وكان سمو الأمير في الجو في طريقه إلى الأحساء فنظم قصيدة طويلة مطلعها:
هذه هجر عروس برزت
لتحيي متعبا حين أتاها |
ولا غرابة في ذلك فهو من سلالة كريمة كلها علم وفقة وأدب وشعر فجده الشيخ علي بن عبد الرحمن المبارك لأمه وجده لأبيه الشيخ عبد اللطيف المبارك ووالده الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف المبارك وخاله الشاعر والفقيه والقاضي عبد الرحمن بن علي المبارك والشيخ السفير الأديب أحمد بن علي المبارك عميد أسرة المبارك حالياً فأين يذهب من هؤلاء.
رحم الله فقيد الأحساء وفقيدنا جميعاً وفقيد الأدب رحمة واسعة وبارك في عقبه يوسف وعبد الرحمن ومحمود ليسيروا على خطاه.{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.
|