الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فقد أدرك الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بثاقب نظره وبتوفيق من الله تعالى له أن بقاء العلم الشرعي في هذه البلاد المباركة له أهمية كبرى لانه الأساس الذي قامت عليه الدولة، ففكر في إنشاء مؤسسة علمية ترعاها الدولة ويتولى إدارتها ووضع منهاجها علماء البلاد وعلى رأسهم سماحة المفتي الشيخ: محمد بن إبراهيم رحمه الله. فتمت الفكرة وبرزت للوجود بفتح أول معهد علمي في الرياض عام 1371هـ ثم أمر رحمه الله بفتح فروع لهذا المعهد في القصيم وفي سدير والوشم. ثم في عهد الملك سعود وعهد الملك فيصل وعهد الملك خالد وعهد الملك فهد زادت هذه الفروع وانتشرت وأثمرت وكان من ثمراتها فتح كلية الشريعة وكلية اللغة. ثم زاد فتح الكليات وتطورت إلى جامعة باسم جامعة الإمام: محمد بن سعود الإسلامية وتخرج منها أفواج كثيرة من العلماء ذوو كفاءات عالية تولوا أرقى المناصب في القضاء والافتاء والدعوة والتعليم وكان منهم الوزراء والقيادات العلمية {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} إلا أن هذه المؤسسة الجليلة لم ترق في أعين الذين لم يدركوا فائدتها فشنوا الحرب ضدها وسموها بأسماء منفرة منها أنها دار العجزة، دار الضمان الاجتماعي، دار المطاوعة والمؤذنين وأنها لا مستقبل لها وأن خريجيها سيبورون في المجتمع، وأنها تعلم التكفير والإرهاب، إلى آخر الالقاب. ولكن هذه المؤسسة الجليلة ثبتت ورست رغم انوفهم وفرضت نفسها وأثبتت وجودها واقبل الناس على الالتحاق بها لأنهم يرون جدواها وفائدتها. لانها أسست بنية خالصة وعلى أساس ثابت أصيل من الميراث النبوي. وما زال ولاة الأمر حفظهم الله يهتمون بها ويرعونها لما لمسوه فيها من فائدة للإسلام والمسلمين. وفي الايام القريبة عادت الكره ضد المعاهد العلمية فنشرت مقالات تندد بهذه المعاهد وتطالب بضمها إلى التعليم العام. ويزعم بعض كتاب هذه المقالات الآثمة أن بعض طلاب المعاهد العلمية شكوا إليه وما يلقون من الظلم والضيم.. الخ.
وأقول:
أولاً: لماذا لم يسم الكاتب أحداً من المشتكين والمتظلمين.
ثانياً: لماذا لم يشتكوا إلى ولاة الأمر حتى نُظر في قضيتهم إن كانوا صادقين.
ثالثاً: لماذا لم يحددوا انواع الظلم الواقع عليهم، لأن الدعوى لا تقبل إلا إذا كانت محددة معلومة المدعى به.
رابعاً: ما الذي حال بين هؤلاء المتظلمين وبين الالتحاق بالتخصصات الأخرى المناسبة لهم.
خامساً: إذا كان هذا الظلم واقعاً من بعض الإداريين والموظفين في تلك المعاهد فما ذنب المعاهد هل إذا وقع ظلم من مسؤول في دائرة ما فإنها تلغى تلك الدائرة أم يغير المسؤول! هذا لو فرضنا أن هناك ظلما واقعا. لكنه الهوى يعمي ويصم. ولا حول ولا قوة إلا بالله. تساؤلات ننتظر الإجابة عنها {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}. {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ}. سنة الله في خلقه.
وقل للعيون الرمد للشمس أعين
سواك ترها في مغيب ومطلع
وسامح عيونا اطفأ الله نورها
بأهوائها فلا تفيق ولا تعي
إن الشمس لا تغطى في رابعة النهار.
وليس يصبح في الاذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
|