تتسابق القنوات الفضائية بشكل لافت على جيوب المستهلكين من خلال برامج المسابقات والتي ترتكز على فكرة اتصال المشاهد بالبرامج بواسطة رقم هاتف أو عن طريق إرسال رسالة قصيرة. وفي جميع الأحوال تكون تكلفة الاتصال شاملة لمبلغ يمثل دخلاً للبرنامج يصرف جزء منه على الجوائز فيما يشكل الباقي أرباحاً. ولا تسلم من هذه الطريقة بعض من تلك المسابقات التي تزعم أنها دينية.
ولا شك ان هذا الأسلوب في جني الأرباح من قبل القنوات والبرامج يحتاج إلى دراسة شرعية أولاً لتوضيح مدى مشروعيته، وينبني على ذلك وضع الأطر القانونية والنظامية التي تحكم هذا النشاط ومن يزاوله أو يسانده مثل شركات الاتصالات لا سيما وان هذه الممارسات تشبه إلى حد كبير القمار خاصة وأن دور بعض الأسئلة لا يختلف عن دور بيع السلع في التحايل على التعامل بالربا. فهي تأتي على مثال من أين تطلع الشمس ومن أين تغرب؟ وفي المسابقات الدينية الرمضانية، ما أول سورة في القرآن وما آخر سورة؟ وبالطبع هناك خيارات لإطالة زمن المكالمة مما يعني ربما ربحا أعلى.
وهذا الأسلوب في الحصول على الربح ليس جديداً فهو موجود منذ عشرات السنين في الدول الغربية، والفكرة الأصلية له هي قيام الشركة المسموح لها بمزاولة هذا النشاط بتسويق بطاقات ذات أرقام مختلفة عبر منافذ البيع العادية والآلية ومن ثم السحب على هذه الأرقام اسبوعياً وصاحب الرقم الفائز يفوز بمبلغ مالي معين عادة ما يكون كبيراً. وتكمن الإشكالية في كون من يشتري البطاقة يظن أنه فائزاً تقريباً وان لم يكن الأمر كذلك، فالمحاولة الثانية كفيلة بتحقيق الهدف وإلا فالثالثة وهكذا حتى يصل إلى حالة من الإدمان. وقد بينت الدراسات التي أجريت على شريحة ممن يقبلون على شراء هذه البطاقات أن بعضهم وصل إلى حالة الإدمان وأنه أصبح يشتريها لأنه لا يستطيع التوقف عن شرائها، وان أغلبهم من ذوي الدخول المنخفضة الذين يحلمون بتحقيق ثروة ما بين ليلة وضحاها. كما بينت الدراسات أن غالبية من يشترون هذه البطاقات لا يدركون أن احتمال فوز أحدهم بالجائزة لا يتعدى جزءاً من عدة ملايين وهو ما يعني واقعياً عدم منطقية شرائها. والغريب ان بعض مقدمي برامج المسابقات والتي تتبع نفس النهج في الحصول على الأرباح يباهي بغباء عدة مرات في الحلقة الواحدة بأن عدد الاتصالات قد وصل إلى كذا مليون إتصال. وبغض النظر عن مصداقيته فإنه لا يعي أن كثرة عدد المتصلين يضعف حظوظهم في الفوز، الأمر الذي يفترض أن يؤثر سلباً في المستقبل على عددهم وبالتالي على ايرادات البرنامج. وفي المقابل تكتب الشركات المسوقة لبطاقات اليانصيب بخط صغير جداً لا يكاد يقرأ إلا بمجهر، ان احتمال الفوز بالجائزة لكل رقم هو واحد في المليون على سبيل المثال، ولا تفعل ذلك إلا لأنها ملزمة قانوناً وللخروج من هذا تكتبه بخط صغير جداً.
وعادة ما تقتطع الحكومة الجزء الأكبر من الجائزة في صورة ضرائب علاوة على فرضها ضرائب مرتفعة على الشركات المطورة والمسوقة للبطاقات، وهذا ما لا وجود في النسخة العربية من هذا النشاط.
وفي أحيان كثيرة تكون مزاولته حكراً على الحكومة إذ توفر عوائده المتحققة أحد مصادر الدخل تنفق منه على مجموعة من البرامج والخدمات التي تقدمها، وهو ما لا يختلف كثيراً في حقيقته عن الحالة الأولى.
|