الفنون الشعبية هي السجل الحضاري الوضاء للأمم والشعوب فهي بحد ذاتها تاريخ يطوي في صفحاته صوراً واضحة الملامح عن أسلافنا وعن ماضيهم المشرق.. ان تلك الفنون تحكي قصة قرون ترتبط وحياتنا بروابط روحية.. وانسانية.. ان تلك الفنون من (العرضة والسامري والمجرور والمزمار والفجري) وغيرها من الألوان الشعبية الراقصة في بلادنا لهي اكبر دليل على حضارة هذا الشعب وما بلغه في الماضي من مستوى فني يتمثل في تلك الالوان من ايقاع حي.. ونغمة صاخبة تمتلئ بالحيوية.. وهنا ندرك ان لاجدادنا حضارة ترتكز على دعائم من التوثب والتحفز نحو تحقيق الافضل. وهذا التراث الذي خلفه لنا السلف لم نكن امناء عليه.. او لنقل لم نكن حريصين عليه (تجاوزاً). لقد اصبحنا نجهل منابعه واصوله.. بل وحتى تسمياته.. فلم نعد نعرف عنه الا انه لون شعبي قديم.. وكفى..؟! ابتكره اجدادنا من واقع ظروفهم التي كانوا يعيشونها.. والتي تعتبر امتداداً لحياتنا.. فلم نحقق له الدراسات التي تساعد على التعريف به.. ويستهدي بها الباحثون عن فروعه التي منها نشأ ونما كفن له أعرق الأصول.. وأغزر المنابع.. كم تمنيت أن أرى أحد شبابنا الجامعي قد دون بحثا عن هذه الفنون.. وكم تمنيت ان يكون لها مجمع فني يحافظ عليها.. ويدون لها السجلات.. ويهتم بتطويرها.. لقد جاءت بعض المحاولات على احياء هذه الالوان الشعبية والمحافظة عليها من قبل بعض المهتمين بتلك الفنون.. الا انها محاولات لم يكتب لها الاستمرار والنجاح لعدم تفرغهم للتنقيب عنها.. وملاحقتها.. لقد دأب التلفزيون بوضع برامج شعبية ضمن دوراته. وهذه البرامج التي تحتل جزءاً عن خارطته باسم تلك الفنون منها الوان شعبية ومضارب البادية مازالت فائدتها محدودة لخدمة هذه الفنون وكل ما اعرفه عن معد برنامج الوان انه صاحب شخصية ديناميكية، يحب العمل.
|