اطلعت في عدد الجزيرة الصادر بتاريخ 19-8-1425هـ الملحق الذي أعده قسم الملاحق الصحفية حول جائزة رواد المجتمع تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض.
وهذا الحدث أثرى ما في جوانبي من أطروحات حول هذا الموضوع أقول فيها:
إنها لباردة اجتماعية شائقة وسنة حسنة جميلة تلك التي باشرتها الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة الرياض وقامت بإنزالها على أرض الواقع وهي تخصيص جوائز تقديرية يتم منحها لأولئك الشامخين بعطائهم لخير الإنسان والبلد، وهم من أبناء الوطن الصالحين - نحسبهم والله حسيبهم - والكل يتفق معي على أن تفاقم خطوط المشاريع الإنمائية للقطاع الخاص أمر ملازم في اعتقادي للنمو الاقتصادي الذي تشهده بلادنا ولله الحمد.ولكن ذلك ولكي يتنامى وينال نصيبه من البركة والتوفيق يجب أن يكون متوالياً مع المشاريع الإنسانية والاجتماعية، ولزاماً أن يكون ذلك استجابة ذاتية نابعة من قناعات دينية وإنسانية وليس استجابة لوطأة القلق من عدم الظهور بالمظهر اللائق، وان يكون ذلك بعيداً عن التشنج والاصطناع في بذل المساعي وجعلها منطلقة من صفاء النية وسلامة المقصد.
وهذه الخطوة وغيرها من الخطى المباركة ليست بغريبة على رجالات هذا البلد المبارك الذين عُرف عنهم -ولله الحمد- حميد الخصال وحب الخير والتسامح ومد يد العون للفقراء والمعوزين والمسارعة في الخيرات من أجل تحقيق مسحة من الطمأنينة لتلك النفوس الواهنة الممتلئة بالقلق نحو مصيرها في الغد القادم وما تدري ماذا يخبئ لها خلف سدوم الغيب وأحب من خلال هذه الإطلالة أن أوجّه الدعوة إلى القطاع الخاص أن يلتفت بعين التقدير إلى ما توليه له الحكومة من حيث توفير الأعمال والمناقصات وتقديم القروض المختلفة وعدم وجود أي نوعٍ من أنواع الضرائب المباشرة، فتقوم برعاية الأعمال الخيرية والإنسانية وأن تقوم كل مؤسسة وشركة بتخصيص بند لهذا الغرض يفي إلى حدٍ ما بالاحتياج الإنساني إليه.
وخلال هذه القراءة لا يسعنا بالطبع أن نغفل ذلك الدور الكبير والإسهام البناء وتلكم اللمسات الإنسانية الرائعة التي تجللها مواقف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض -حفظه الله- وما رعايته لهذه الجائزة إلا تأكيد أصيل لهذا النهج المثالي وليس ذلك بغريبٍ على رجالات الدولة السعودية، فهذا هو النهج الذي سرت عليه دولتنا منذ تأسيسها، فالاهتمام بالعمل الخيري يأتي ضمن أولوياتها والمتأمل للجهود المبذولة على أرض الواقع يشهد ما يثلج الصدور من تجدد صور الخير والبذل والعطاء لإنسان هذا البلد، من النادر أن تجد له مثيلاً في أي مجتمعٍ من المجتمعات، وهذا يرجع الفضل فيه إلى روح الاندماج فيما بين المواطن وحكومته وتلك منّة من منن المولى عز وجل يمنّ بها على من يشاء.
وفي فسحة التأمل ينطرح رأي يقول إن هناك الكثير من المؤسسات تهتم وسط الضوء الغامر والانسياق وراء الطموحات بقدر ظاهر يطرح طموحاتها وتطورها بشكل يدفعها نحو تحقيق مكاسب مالية متفوقة، وفي قراءة منها لحتمية التفوق فإنها تبذل الجهود المضنية من أجل تطوير خطوط المشاريع الانمائية ودفع مسيرتها نحو تحقيق إمكانات التوسع، في حين ان البعض منها يغفل جانب العمل الاجتماعي والإنساني ويرجع بعض المسؤولين في تلك القطاعات إلى مقولة يرددونها دائماً (البند لا يسمح)، ولربّما ان بند الدعاية والإعلان قد يأخذ حيزاً أكبر من حجمه في حين ان بعض المؤسسات بفضل موقعها المالي ومركزها في السوق قد تجاوزت الحاجة الملحة لهذا البند.والذي يُخشى أن تتساقط العديد من صور القيم في دروب الركض في أغلال الرغبات والنضال من أجل تلاحق صور المكاسب والتضخم المالي، وربّما كان ذلك على حساب صحوة العمل الاجتماعي والإنساني وطموحه وتألق العمل الخيري وتهالك روحه، وهذا الأمر يُعزى في ظني إلى لحظات الضعف التي من شأنها أن تُفقد القدرة على الانصهار في بوتقة الجهود الإنسانية النبيلة.إنّ مثل هذه الأعمال وهذه الجوائز التشجيعية التي تدفع مسيرة العمل الخيّر إلى الأمام حري بنا نحن الإعلاميين أن نُلقي حزماً من الضوء عليها وحري بالمؤسسات تفعيلها من كل الوجوه حتى نجني ثمارها وتمتد سلسلة العطاء الخيري لشريحة معينة من المجتمع.اقتراحي الذي أقدمه بين أيدي الغرف التجارية الصناعية أن تحذو حذو الغرفة التجارية الصناعية بالرياض وأن تقوم بإعداد وتنظيم مثل هذه الجوائز التشجيعية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز العمل الخيري والاجتماعي وإعطاء صورة ناصعة للنماذج الخيّرة من رجال الأعمال في بلادنا.
ثم ندائي أوجهه للذين أوسع الله عليهم من عطائه ونعمه وأفضاله أن يقوموا بتقديم يد المساعدة للذين هم بحاجة إلى ذلك.
وعدم التردد في المساهمة بأي مشروعٍ يُسهم في بناء لبنات الخير والنماء والعيش الرغيد لأبناء هذا المجتمع، ولعل أعظم مشروع استنفدت له الطاقات القصوى هو مشروع الأمير سلمان بن عبد العزيز للإسكان الخيري الذي يتبناه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله - ويشرف عليه رجال ثقات أسندت إليهم المهام فكانوا عند حسن ظن المسؤولين.وتأتي أهمية رعاية مثل هذه الجوائز التحفيزية كون الجهود تُعطل قدراتها عن العطاء وتجفف منابعها إذا لم يكن خلفها من يقود زمامها إلى مكان العطاء ويشحذ همتها وتنظم لها عمليات الترغيب والإشادة والتشجيع والقصد من وراء ذلك بالطبع هو منح القدرة لفئات من البشر للبقاء الأكرم في ظل العيش الكريم الهانئ بعز الارتفاع عن الحاجة التي لا تتخلله لحظات مغموسة بالحاجة والعوز وذلك كيما نضيء دروبهم المعتمة ونسترجع لحظات الفرح التي اغتيلت من قاموس حياتهم وقد يكون ذلك إلى الأبد إلا أن يُقيّض الله لهم يداً تحفظهم من تُطوّح بهم الحياة وتتقاذفهم أمواج الحاجة والعوز.
دعوة صادقة
إلى كل رجل أعمال وموسر لبذل المعروف ومد يد الصلح فيما بين الحاجة والعوز وبين شرائح تقبع خلف جحيم الفاقة.
دعوهم ينعموا بإشراقة الحياة فإنها حتماً ليست حكراً لفئةٍ دون أخرى.
خالد بن علي الحسين |