لا تحتاج حماية إسرائيل من قبل الولايات المتحدة إلى تشريعات وقوانين، فهذه الحماية هي بند أساسي في السياسة الخارجية الأمريكية، وعلى الالتزام بهذه السياسة يتوقف الكثير بدءاً من انتخاب الرئيس الحريص عليها وانتهاء بمستقبله الذي يتوقف على الكيفية التي يتصرف بها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
والقانون الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي جورج بوش مطلع الأسبوع الجاري يحصر السامية في إسرائيل، رغم أن كل الشعوب العربية هي شعوب سامية، لكن إسرائيل التي يمكن أن تستحوذ على كل شيء تجعل المصطلح أو يجعله داعموها قصراً عليها.
إعلان الرئيس الأمريكي عن القانون جاء في خضم الحملة الانتخابية وفي ولاية فلوريدا ثالث أكبر تجمع لليهود في العالم بعد فلسطين المحتلة ونيويورك، وللمكان مغزاه في الحملة الانتخابية التي شارفت على نهايتها، فأصوات اليهود أمر مهم في هذا السباق إذ إن نسبة التصويت بينهم، التي تتجاوز الثمانين بالمائة، تفوق النسبة بين أي جماعة أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية علاوة على ما يتمتعون به من نفوذ مالي وسياسي يؤثر مباشرة في مستقبل الشخص الذي يكون (وفياً) للتطلعات اليهودية.
وعلى الرغم مما يعكسه قانون مثل هذا من تمييز عنصري واضح قد ينقلب وبالاً على داعمي القانون إلا أن الأمر عندما يتعلق باليهود وإسرائيل لا يحتمل التسويف من قبل أي رئيس أمريكي، فها هي إسرائيل تحصل على هذا الدعم وهي في قمة عدوانها الذي تواصل طوال أكثر من أسبوعين في شمال قطاع غزة.
كما أن القانون يؤكد المنحى البعيد الذي تذهب إليه الولايات المتحدة في سبيل اسباغ الحماية على هذه الدولة المارقة المعتدية، ومن ثم يكرس القناعة بأن الولايات المتحدة قد تتخلى عن مبادئ القانون الدولي والعدل لتلقي بثقلها وراء مثل هذا الكيان المنبوذ عالمياً.
ويرى بوش أن الدفاع عن الحرية يعني أيضاً مهاجمة ما أسماه الشر الذي تجسده معاداة السامية، وهكذا يضع الرئيس الأمريكي هذا الأمر في مكانة بارزة في سياسته وسياسات من يخلفه بعد إقراره كقانون، ووفقاً لهذا الفهم فإنه سيتم رصد الأعمال المناوئة لإسرائيل لادراجها في الملفات السوداء لمختلف الدول والكيانات على ان يتم اتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة.
ومن الواضح ان تقييم العلاقات مع الآخرين سيتقرر وفقاً لسلوك الدول تجاه مقتضيات هذا القانون ومدى النقاط التي يتم تسجيلها ضدها أو لصالحها اعتماداً على سلوكها تجاه إسرائيل.
|