تشرف علماؤنا الحاصلون على براءة اختراع في مجالاتهم العلمية بالسلام على صاحب السمو الملكي ولي العهد -حفظه الله- الذي قلدهم وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى بحضور مديري الجامعات السعودية التي تتشرف بانتماء هذه الكوكبة الوطنية إليها، ولقد كان لهذا المشهد الحضاري العديد من الدلالات التي تؤكد التحول الكبير في المجتمع السعودي الناتج عن اكتمال مكونات النضج الثقافي والتقارب الروحاني بين وعند فئات المجتمع المختلفة مما سينعكس بإذن الله على واقع ومستقبل هذا الوطن وعلى رفاهية المواطن ومستقبل الأجيال القادمة.. وفي مقدمة هذه الدلالات الاهتمام المتزايد بالعلماء المتخصصين في مجالات علمية دقيقة لها صلة باحتياج ومستقبل التنمية الوطنية مما يوحي بقرب تخلص المجتمع السعودي من الارتماء المستمر في أحضان التخصصات النظرية التي لا تقدم الكثير لمعطيات التنمية ولا تحمي المتخصصين فيها من ويلات البطالة باستثناء التزاحم على القنوات التلفزيونية والإذاعية للمشاركة في الحوارات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تحتاج إلى فلسفة وسفسطة شديدة يجيدها أصحاب هذا التخصصات بدرجات تفوق نظرائهم العلماء في التخصصات العلمية الذين يتعاملون في الغالب بالأرقام التي تعبر عن الحقيقة ولا تعرف السفسطة والنطنطة البلاغي.. ومن المؤشرات المهمة أن هذا التكريم يعتبر نقطة تحول بمشيئة الله تعالى في مسيرة هذا المجتمع الذي ظل في السابق يعتقد أن المستحق للتكريم هو فقط اللاعب الهداف والفنان المبدع الذي على الرغم من احترامنا الشديد لهم إلا أنهم لم ولن يسهموا أبداً في تمكين المجتمع من تجاوز معوقات التنمية وفي تحقيق معدلات إنتاج وقيم مضافة عالية إلى الناتج المحلي الإجمالي ولن يسهموا في تمكين البلد من التقنية الضرورية للوفاء باحتياج الوطن والمواطن ومتطلبات التنمية التي تمثل الرافد الأهم لاستمرار العنفوان والتقدم الوطني.. لقد أبدعت الأمة العربية في الغناء حتى أمسينا نعتقد ان رسالتها الوحيدة تتمثل في خدمة هذا المساق، ومع ذلك لم تستطع حتى الوقوف على رجليها لخدمة ذاتها فضلاً عن مقارعة ومنازلة الأعداء الذين لم يجدوا في الطريق لافتراسها عائقا غير العويل ولطم الصدور والوجوه.. لقد أبدعنا حتى تراقص الشجر طرباً ونسينا أن للعالم ميداناً آخر للتنافس يتمثل في العلم التطبيقي الذي يخدم الإنسانية ويحقق إضافة علمية وعملية تسهم في تحسين صورتنا أمام العالم الذي لم يعد يرانا حتى باستخدام الميكروسكوبات الدقيقة. وبالتالي فإن هذا التكريم يعيد الوطن والمجتمع إلى المسار الصحيح من خلال تأكيده على أن العلم التطبيقي هو الأهم لواقع ومستقبل الأمة وأن المستقبل سيكون للعلماء الذين يقارعون علماء الغرب في المعامل والتجارب العلمية التي ترتقي بالأمة وتخدم الإنسانية.. بشكل عام فإن هذا التكريم قد لف الكثير من الدلالات وغلفها بغلاف واحد عنوانه في اعتقادي التحول المنطقي في منهج هذا البلد باتجاه الاهم مع الاحتفاظ بالتقدير للمهم والأقل أهمية.. فهل يستمر ذلك وينتقل تأثيره إلى مقاعد الدراسة وعامل التجارب في جامعاتنا السعودية؟.. أتمنى ذلك.
|