الآلام الصدرية
د. محمد عريقات ( * )

تمثل الآلام الصدرية شكوى تتكرر يومياًُ في عيادات الطوارئ وفي العيادات الاختصاصية كالقلبية والصدرية، ويجب التركيز على بعض خواصها.
- إن ألم الصدر عبارة عن عارض يصعب في كثير من الأحيان وصفه بدقة من قبل المريض.
- لا يوجد دائماً تناسب طردي بين حدة الألم وخطورة المرض المسبب.
- يمكن للألم أن يكون كاشفاً لحالة مرضية شديدة الخطورة.
- يمكن أن يكون سبب الألم في جدار القفص الصدري، كما يمكن أن يكون في أحد الأعضاء داخل القفص الصدري.
أولاً: آلام القفص الصدري
كل مكونات القفص الصدري من الجلد والأنسجة تحت الجلدية والغضاريف الضلعية والعضلات والأعصاب والعظام يمكن أن تكون سبباً في ألم صدري.
والصفات السائدة لهذه الآلام:
- تزداد حدة الألم مع حركة القفص الصدري أو لمسه.
- غالباً ما يكون الألم موضعياً.
- غالباً ما يمكن تحسس الألم بالضغط على موقع الألم.
فمثلاً في حالة كسر ضلع أو أكثر نتيجة لحادث أو لأي سبب مرضي يمكن الإحساس بالألم مع حركة القفص الصدري أثناء الشهيق والزفير، وكذلك عند الضغط على منطقة الضلع المكسور، وفي حالة إصابة الحجاب الحاجز فلا يكون الألم مباشراً بل مشعاً إلى الأعلى أو إلى الأسفل مع وجود عارض يدعى فواق (Hiccup).
ثانياً: آلام الغشاء البلوري
يتكون الغشاء البلوري من ورقتين إحداهما تغلف الرئة والأخرى تغلف جدار القفص الصدري من الداخل، وفي الحالة الطبيعية لا يوجد فراغ بين الورقتين مما يساعد على انسياب حركة الشهيق والزفير بدون احتكاك بين الرئة والقفص الصدري.
1- الاسترواح الهوائي
في ورقة الغشاء الجنبي التي تغلف الرئة مما يتيح للهواء القادم من الجو بالتجمع فيما بين ورقتي الغشاء الجنبي ويضغط على الرئة المصابة في خارجها، وهذا يحدث ألماً فجائياً شديداً مع انقطاع في التنفس، ويمكن للاسترواح الهوائي أن يكون عفوياً، ويكثر عادة عند المدخنين، ويمكن أن يكون نتيجة لحادث ويجب التركيز بالألم الشديد الناتج عن علاج الاسترواح الهوائي بوضع مسحوق للصق الرئة بجدار القفص الصدري.
2- التهاب الغشاء البلوري
يمكن لالتهاب الغشاء البلوري أن يكون جافاً، وفي هذه الحالة فإن احتكاك ورقتي الغشاء يؤدي إلى ألم شديد ذي علاقة بحركة التنفس، ويمكن لالتهاب الغشاء البلوري أن يكون مصحوباً بسائل يتجمع ما بين ورقتي الغشاء الجنبي الذي يكون أولياً أي ناتجاً عن مرض الغشاء الجنبي نفسه كالإصابة بسرطان الغشاء الجنبي (ميزوتيليوما) الناتج عن التعرض لمادة الأسبست لفترة طويلة من الزمن، ويمكن أن يكون سنوياً أي ناتجاً عن إصابة الرئة بالدرن مثلاً أو بذات الرئة أو عن إصابة قلبية كضعف عضلة القلب أو عن إصابة عضو تحت الحجاب الحاجز، ويمكن لبعض آثار الإصابات القديمة في الغشاء الجنبي سواء كانت ناتجة عن حادث، أو جراحة، أو إنتان، أو إلتهاب أن تؤدي إلى آلام صدرية بسبب إلتصاق الغشاء الجنبي بالرئة أو بجدار القفص الصدري.
ثالثا:آلام الرئة والقصبات الهوائية
إن النسيج الرئوي لا يحتوي على أعصاب حسية، لذا فإن كتلا ورمية كبيرة أولية أو ثانوية يمكن أن لا تعطي أي إحساس بالألم، وعندما يظهر الألم في مثل هذه الحالات فالأغلب أن يكون ذلك ناتجاً عن ملامستها للغشاء الجنبي، إن التهاب القصبات الهوائية يؤدي إلى ألم ناتج عن تكرار السعال واستمراره، وغالباً ما يكون الألم خلف عظمة القص أو جانبي الصدر.
رابعاً: آلام المنصف (Mediastinum)
إن وجود ورم سواء كان حميداً أو خبيثاً، أو وجود إنتان في المنصف يمكن أن يؤدي إلى ألم صدري يتركز خلف عظمة القص، كذلك فتقلصات المريء أو ارتداد السائل المعدي إلى المريء يمكن أن يكون سبباً في ألم حاد في الصدر خاصة خلف عظمة القص.
إن قطع المريء الذي يحدث نتيجة لحادث يمكن أن يتسبب في ألم شديد ويشخص بعد تجمع هوائي في المنصف، وكذلك بواسطة الأشعة الطبقية.
خامساً:الآلام الناتجة عن القلب والأوعية الدموية
1- جلطة الشريان الرئوي يمكن أن تؤدي إلى ألم حاد خاصة اذا كانت الجلطة واسعة الامتداد.
2- تشقق الشريان الرئوي الأورطي بسبب ألماً في المنصف الخلفي والسفلي ويتأكد التشخيص بالأشعة المقطعية أو بالأشعة فوق الصوتية من خلال المريء.
3- الآلام الناتجة عن الشريان التاجي.
4- ألم الذبحة الصدرية (Anginal pain) يكون الألم على شكل انقباض أمامي مع امتداد إلى أسفل العنق والفكين والأطراف العلوية خاصة الرسغين، وهذا الألم يرتبط بالمجهود، ويهدأ خلال دقائق أو أقل باستعمال دواء ترينيترين (Trinitrin).
5- ألم الذبحة الصدرية غير المستقر
يتمثل بنفس الألم السابق ذكره، ولكن يتميز بأن نوبة الألم يمكن أن تحدث بمجهود أقل أو بدون مجهود وعلى مدى زمني أطول ولا تهدأ باستعمال دواء ترينترين، ويمكن أن تتمثل بتغيرات في تخطيط القلب، ولكن بدون ارتفاع في نسبة أنزيمات القلب في الدم.
6- ألم الاحتشاء العضلي القلبي (Myocardial Infarction)
وهو ألم شديد عادة، ويمكن أن يترافق مع حالة صدرية، ويتزامن مع تغيير في تخطيط القلب مع ارتفاع في أنزيمات القلب في الدم، ويمكن لآلام الشريان التاجي أن تكون غير حادة أو غير واضحة خاصة عند المريض المصاب بداء السكري، والألم الناتج عن الإلتهاب الحاد في الغشاء المغلف لعضلة القلب (pericarditis) وهو ألم شديد أمامي، وتقل حدته عند الانحناء للأمام.
سادساً:الآلام الصدرية الناتجة عن أسباب خارج القفص الصدري ومكوناته
1- الألم الناتج عن التهاب المرارة الحاد، ويبدأ في المنطقة العلوية اليمنى في تجويف البطن وينتشر بإتجاه أسفل الصدر مع تواصله باتجاه الكتف الأيمن.
2- الألم الناتج عن التهاب البنكرياس الحاد، وهو ألم مستمر بشكل أفقي في أعلى تجويف البطن وفي الجزء السفلي في منطقة القفص الصدري.
سابعاً: الآلام الصدرية غير العضوية
توصف الآلام الصدرية التي لا يعرف لها سبب عضوي بأنها انعكاسات لأسباب نفسية، وقبل النطق بالطبيعة لألم الصدر يجب فحص المريض جيداً وإجراء الفحوصات اللازمة واسترجاع جميع الأسباب العضوية التي يمكن أن تؤدي إلى ألم في الصدر.
من هنا يجب الأخذ بعين الاعتبار للأعراض المصاحبة للألم مثل السعال، وضيق التنفس وأعراض الجهاز الهضمي، وأعراض الغدد والشرايين، ويمكن للأسباب غير العضوية العضوية لآلام الصدر أن يكون لها بعض الخواص مثل:
- تكون على شكل وخزات متفرقة وغير ثابتة أو محددة ومتنقلة من منطقة إلى أخرى، وغالباً ما تكون في الجانب الأيسر من الصدر.
- غالباً ما تظهر طوال النهار وتختفي أثناء النوم.
- يمكن أن تكون مستمرة ولساعات طويلة.
- غالباً ما تكون مصحوبة بتوتر نفسي وضيق في الخلق.
- يمكن للألم أن يختفي بدون علاج وأن يعود للظهور بشكل متكرر.
العلاج
علاج الألم الصدري يكون بعلاج المرض المسبب الذي نجم عنه الألم، ومن هنا تظهر أهمية التشخيص الدقيق لمعرفة سبب الألم.
إن الأمراض القلبية والشريانية بالإضافة للاسترواح الهوائي هي حالات طارئة، ويكون الألم هو الكاشف الرئيسي لها، ويمكن علاجها إذا تم تشخيصها في الوقت المناسب - بإذن الله -.