أصبحت الكتابة في بعض شؤوننا الرياضية محظورة أو على الأقل متحفظاً عليها في صحف قليلة بينما أخرى تنشر السوءات دون أن يكون للوسطية نهج بينها.. وحيث أصبح العبد الفقير إلى الله مستهدفاً من مقص الرقيب في (الجزيرة) والذي بدوره يقص ويقصقص مقالاتي كيفما شاء.. ولأريحه من عناء القص واللزق فسوف أبدأ مقالي لهذا الأسبوع بالتحدث عن الشهر الكريم لعل كرم رمضان يشفع لي من مقص الرقيب الجزيري.
* وأول ما يلفت النظر قبيل دخول شهر رمضان هو الشراهة في شراء حوائج رمضان.. وكأننا قوم نصوم العام كله.. ونأكل فقط في رمضان.. وقد غاب عنا قول رسول الهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: (حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه).. الحديث.. أقول ذلك بعد أن رأيت (عربيات) المحلات التجارية وقد عبأت بعشرات الأصناف استعداداً للانقضاض عليها خلال فترة زمنية محددة لا تزيد عن الساعة وهي الفترة التي تفصل بين صلاتي المغرب والعشاء!!!
* فنصاب بالبطنة والسكر وما والاها من أمراض العصر نظراً لشراهتنا في المأكل والمشرب.. وخصوصاً في هذا الشهر الكريم.. وهيهات لنا أن نفهم المعاني الروحانية للشهر الكريم مع هذه الشراهة.
* وشراهتنا في الأكل كشراهة بعض منسوبي الأندية في استخدامهم للكلمات البذيئة في حق النادي المنافس.. ففي (المؤتمرات) الصحفية ينسى ذلك المتورم نفسه.. فيهاجم النادي الآخر للحصول على رضى الفئات الجاهلة والعامية بناديه وهم كثر.. وكأنني به وقد أتى بما لم يأت به الأوائل.
* ووجود مثل ذلك الإداري البذيء هو مدعاة لدق مسامير الاحتضار في نعش الرياضة.. وهناك من يرى ذلك ويقف عاجزاً أمام هذه الظاهرة المنفرة.. ومع ذلك يتجاهل الأمر وكأنه لا يعنيه.. أو ترفعاً عن ذلك المستنقع.. بينما هناك آخرون أطعمت أفواههم فاستحت عيونهم.
* وعلى كل فإن الصمت إزاء هؤلاء الإداريين لا يعالج الموقف وإنما يجعل منهم طواويس ظنت بنفسها الظنون.. وأخذت النرجسية منهم مأخذها.. حتى ظنوا أنهم الأعلون وهم ما زالوا يزحفون زحفاً على أرض الواقع.
* إن ما يحصل من فئة قليلة من الاتحاديين يقابلهم فئة أخرى من الأهلاويين من مماحكات ما أنزل الله بها من سلطان جعلت الوسط الرياضي في (الثغر الباسم) أقل ما يوصف به هو جهل العقول وسقم الحوار وضيق النظرة.. وبكلمة شاملة إنما يعبر عن تخلف ثقافي ومعرفي وأخلاقي.
* إن الأهلاويين قد قدموا مبادرات تلو الأخرى تؤكد رقي تعاملهم.. وتلقائية سلوكهم السوي.. ولعل ما حصل في مباراة (خريش) قد أوضح النوعية الراقية للأهلاويين بدون تكلف وبدون إعداد مسبق.. وإنما الظروف أتت لتوضح للجميع معدن الأهلاويين.
* وكنا قد ظننا أن السلوك الهابط والكلام البذيء قد انتهى مع نهاية تلك المباراة.. إلا أن فئة في الطرف الاتحادي لا تستطيع التنفس في الأجواء السوية قد أعادت أسطوانة البذاءة لما كانت عليه.. فماذا تنتظرون من (مروس) دربكة ومن على شاكلته من الجهلة والغوغاء أن يفعلوا وهو يرون لديهم (بنك) متنقلاً لا يحرك ريالاته إلا سوءات المروسين والمطبلين والراقصين ممن انتسبوا للرياضة في المكان الخاطئ وفي الوقت الخطأ.
* شخصياً أعرف اتحاديين يتحسرون على ناديهم وما وصل إليه من بعد عن القيم الرياضية.. حتى إن أحدهم قد هاتفني معلناً أنه قد زهد في الكرة والرياضة (الجداوية) إلى أن تعود لسابق أخلاقياتها.. وهناك من الأهلاويين من أكد لي أن الوسط الرياضي في مدينة جدة تحديداً قد أصبح موبوءاً وفي انحدار مستمر، موسماً بعد آخر.
* أنا لا أعرف كيف يفهم البعض التنافس الرياضي الكروي.. فمتى تدنت أخلاقيات مسيري الأندية فهذا معناه أنه لا بقاء للشخصيات الرياضية السوية وسط هذه الأجواء المحمومة.. وقد كانت أجواؤنا الرياضية في جدة أسمى وأرقى وأجمل مما هي عليه الآن ألف مرة ومرة.. ولعلني هنا أغبط أندية الرياض المتمثلة في الهلال والنصر والشباب والرياض وأندية الشرقية تحديداً من الوصول إلى ما وصلت إليه أندية جدة من تنافس غير بناء تغذيه فئات جلها وافد على هذه البلاد وهنا الخطورة.. فمن ينظف أنديتنا من هذه الفئات الجاهلة والدخيلة وذلك بإعادة الرياضة في مدينة جدة إلى حضارتها المعهودة.. والله تعالى من وراء القصد.
السلوك السيء للاحتراف!!!
النيجيري (كانو) امتنع عن تمثيل وطنه في تصفيات كأس العالم الماضية 2002م.. خوفاً من الإصابة وترفاً من دخل الاحتراف.. وعند مساءلته من قبل اتحاد بلاده رد (فض فوه) أن له مبلغ 4000 دولار لدى اتحاد بلاده لم يتسلمه - عذر أقبح من الذنب-.. وفي مصر اعتذر (النجوم) أحمد حسام وثامر عبد الحميد والحارس عصام الحصري عن تمثيل المنتخب المصري في إحدى المباريات فقرر اتحاد القدم المصري منع اللاعبين الثلاثة عن تمثيل المنتخب القومي المصري مدى الحياة.
ونحن هنا تغيب حارس مرمى عن الالتحاق بالمنتخب وفضل إكمال إجازته في المغرب الشقيق ولم يقل له أحد شيئاً، فهو من النادي المدلل.. وفي أثناء استعداد المنتخب الوطني لتمثيل المملكة في أندونيسيا فوجئ الجميع باعتذار محمد نور هوساوي عن مرافقة المنتخب بحجة الإصابة ثم بعد يوم واحد قال أنا هنا ولعب مع ناديه مباراة في الدوري ضد الوحدة.. والسؤال هو هل وصل الضعف والعجز من اتحاد الكرة أمام بعض الأندية إلى هذا الحد؟!!
لذا ننتظر شجاعة اتحاد الكرة وننتظر قرارهم الوطني في هذا اللاعب وجعله عبرة.. وإلا فانتظروا المزيد من التسيب للمنتخب السعودي!!
الزعيم والعاصمة !!!
لأنه فريق بطولات.. وفريق مواقف.. وفريق كؤوس وبطولات.. أبى الزعيم الأزرق إلا أن يتحدى كل ظروف النقص والتعثر ليقول ها أنا هنا.. في وقت الخطوب تجدوني.. فكانت المتعة مع سامي الجابر وفرقته الماسية ليضع أنشودة الفوز والشموخ.. ويرأف بمنافسه العتيد فيكتفي بهدفين للشامخ دوماً سامي بن عبدالله الجابر، ومع كل ذلك التنافس.. وكل ذلك الزخم الكبير في داخل المستطيل الأخضر وفي المدرجات البرتقالية إلا أن الفريقين قدما مباراة فيها كل فنون الكرة مؤطرة بالأخلاق الرياضية الحقة ولم نسمع أو نر ما يخدش السمع والبصر كما يحصل مؤخراً في مباريات الأهلي والاتحاد وبمبادرات سلبية من عناصر اتحادية.. أعود لدربي الرياض وأشهد الله أن الفريقين كانا ولا يزالان مثالا حياً على حضارية العاصمة.. ولا غلو في ذلك.. فنسبة التعلم والتعليم العالي في مدينة الرياض أكثر منها من أية مدينة أخرى.. ولتبقى العاصمة هي عاصمة المجد والأخلاق والعلم.. ولتبقى جدة تعوم في وحل التعصب الرياضي الذي خرج عن كل مقاييس الخلق الرياضي في وقت كنا نتمنى أن يكونوا كباراً ويتحملوا مسئوليتهم تجاه مدينتهم ووطنهم.. ولكن أيطلب من فاقد الشيء أن يعطي ما هو فاقده؟!!!
أعود لدربي العاصمة كبرى المدن السعودية وأكبرها علما وثقافة وتعلماً وتربية.. فمبروك للزعيم فوزه.. ومبروك للعاصمة الرائعة زهرة المدائن حضارتها ونضارتها وفرقها وأنديتها وهذا ما شاهدناه في الدربي العاصمي الكبير.
|