حقيقة كنت أقلِّب في بعض قصاصات الجزيرة التي احتفظت بها ربما لأنها تناقش قضايا تربوية أجدها من الأهمية بمكان التطرق إليها بحكم تخصصنا التربوي ولا سيما أنها أداة تواصل فيما بين أبٍ وابنه أثارت حفيظتي قبل أن أفتّش في حقيبة قصاصات المقالات، واعترضت لي مشاركة نشرت في هذه الصفحة، العزيزة في عدد الجزيرة (11104) بتاريخ 21-12-1423هـ تحت عنوان: (العلاقة بين الأب والأبناء) للكاتب عمر الشلاش والحقيقة أن هذه القصاصة استدعت رأياً في قاع مخيلتي حول تربية الأبناء.
وإيماناً منا بأهداف صحيفتنا الحالمة بشجون التربويين، وهي تقوم برسالتها الإعلامية وبكافة الأدوار.. لتحقق توأمتها التربوية مع رسالتها الصحفية.. ونظراً لتوسع انتشارها داخل مملكتنا الحبيبة، كان ولا بد أن يكون لقلمي وقفة تربوية جادّة.. هي كلمات ثائرة.. عدوها ان شئتم زائرة.. أكاد اسميها خاطرة.. فيها أبحث عن فوائد.. أقدمها للبيوت على الموائد!!.. وليقرؤها كل فرد من أفراد مجتمعنا.
** حقيقة في البداية كانت فكرتي شاردة.. في يومي عابرة.. في ثوبها مائسة.. أحرفي وكلماتي خرجت عن صمتها.. لجلجت.. حتى ترجمت صرختها العابرة إلى عبارات تندد بسلوكيات خاطئة تحدث تحت سقف مجتمعنا.. ولكم أن تتساءلوا عن سبب هذه الاطلالة التربوية، ولأبين لكم بأن أداة تواصل بين أبٍ وابنه أثارت حفيظتي.. وفرضت على أحرفي المثول أمامكم.. ولا ريب في أن كل أبٍ قد عانى الأمرين في تربية ابنه.. ولكن الذي يجب أنّ نعلمه.. أن كثيراً من مشاكل التربية تحدث إثر إهمال فجوة التواصل فيما بين الأب وابنه.. ولكن لنعلم أمراً مهماً.. يجعلنا نتجاوز مشاكلنا التربوية مع أبنائنا بسلام وهو (انّه متى ما خالف الأطفال والأبناء أوامرنا وعاكسوا اتجاهنا فهم لا يقصدون إيذاء آبائهم.. فمتى يعي ويفهم الآباء ذلك..!؟؟؟ لذا كان حري بكل أبٍ وأمٍ ألا يأخذوا ما يصدر عن أبنائهم من سلوكيات تجاههم بشكل شخصي...)
** إنني أخاطبكم الآن ومن منبر العزيزة ولأقول: إننا بحاجة ماسة إلى التفهم والحوار مع الأبناء.. لنجعلهم يعبّرون بالطريقة التي تناسبهم علّنا بذلك نزيل ستار التوتر الذي قد يكون حاجزاً بينك وبين ابنك!!؟؟ نعم لنخلص في النهاية إلى السيطرة على مشاعرنا.. وما أكثر ما يضطهد الأبناء أبويهما!! اننا نلمس ذلك من خلال مجتمعنا فطفل الثلاث سنوات ينتحب ويبكي.. وطفل السابعة يعيقك كثيراً عن أداء مهامك.. وطفل الثالثة عشرة يرى أنه ليس من الصواب.. أن يُرى بصحبة أبويه أمام أقرانه!! ياللعجب العجاب!!
حتى لنرى تلك الضغوطات الاجتماعية على الأب بشأن هذه السلوكيات الصادرة من أبنائهم.. وينفجر بركان الأب انفجاراً غير محسوب!! حتى ليدمّر هذا البركان أطفالاً متذبذبين!! ويلقي بعبارات التحطيم.. والتي تعمق الأثر وتدوم طويلاً في نفس الابن..!!
** لذا كان حتماً علينا أن نراقب سلوكياتنا نحن الآباء.. ومن هنا.. أقولها لكل أبٍ: (لا تصرخ!!؟؟) ذلك انك متى ما صرخت في وجه ابنك أو في وجه آخر.. فسيتعلم منك بأن الصراخ هي طريقة التواصل بين الناس مع بعضهم البعض.. نعم لا نصرخ ولا نغضب متى ما علمنا قاعدة جد مهمة ألا وهي:
** ان الأبناء يكتسبون سلوكهم من مراقبتهم لسلوك الأبوين..!! إذ هو المصدر الأساسي الذي يستقي منه الأبناء سلوكياتهم.. نعم أحبتي قرّاء (العزيزة) نريد صوتاً تربوياً.. هادئاً.. مقنعاً..!!
** ختاماً لنراعِ شعور أبنائنا كما نراعي شعور الآخرين.. وإذا ما أردناهم يحسنون الاستماع إلينا.. لنحسن الاستماع إليهم وبرويّة ولنعطهم فرصة للتعبير عن آرائهم ولنمنحهم فرصة إجابتهم عن أسئلتهم بأنفسهم ولا نقطع مساحة تفكيرهم بسرعة إجابتنا نحن عن تساؤلاتهم.. ولا تعمل على وقاية ابنك من الفشل.. وتقبّل أخطائه.. دعه يفشل..!! عسى أن تتعدد مصادره بأن يجرّب وسائل جديدة أكثر صعوبة وفي نظري ان ذلك هو الطريق الوحيد الذي من خلاله يصبح ابنك أكثر ذكاءً بإذن الله تعالى.. وحذارِ من أن تزرع بذور الاستياء التي قد تجلب لنا مشاكل لا حصر لها.
** عزيزي الأب: لتعلم بأن الإنسان لا يكون إنساناً إلا بالتربية الحسنة، ولا تبتئس ان أنت تذوقت المرارة في تربيتك لابنك ولكن لتعلم بأن نتائجها بإذن الله مثمرة وثمارها لذيذة!! ولا تقف العوائق في تربيتك لابنك أمام (الضرب).. أدّبه واضربه ضرباً غير مُبرّح ان استدعى الموقف ذلك أو هو ارتكب أمراً سيئاً لا تألفه العادات والطبائع السليمة كأن يسرق مثلاً وهو في عمر الزهور فإنك ان لاطفته وجاريته عد السرقة أمراً سهلاً عقابها لا يتعدى كليمات بسيطة قد تذهب أدراج الرياح ثم ما يلبث أن يعود لسابق عهده السيئ.. ولكن اعتقد بأن التأديب بالضرب في مثل هذه المواقف سيكون ماثلاً أمام ناظريه كلما عنّت له السرقة أو فكر فيها!!
ألم تسمع بقول الشاعر:
فاضرب وَلِيدكَ وادللهُ على رشدٍ
ولا تقل هو طفل غير محتلمِ
إنَّ أولادنا ليسوا في تفكيرهم، وأسلوب تعاملهم كما الكبار!!..
فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمن غير زمانكم).
هم هكذا أطفالنا يولدون وفي كل منهم قابليات ومواهب متفرقة.. غير أن التربية وحدها هي التي تحدث الفرق!!
فاصلة
من أعجب ما قرأت: (إنَّ تربية الطفل يجب أن تبدأ قبل ولادته بعشرين عاماً وذلك بتربية أمه) وأجدني اتفق كثيراً مع هذه المقولة بكل ما تحمله من معانٍ حكيمة!!
سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي - المذنب
ص.ب 25 الرمز 51931 |